للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالملح فلا بد من هذين الشرطين التساوي والقبض من الطرفين فلو باع صاعًا من بر بصاع منه وزيادة فهو ربا ولو كانت القيمة واحدة وعلى هذا فإذا كان عند امرأتين حلي وأحبت إحداهما أن تبادل الأخرى فلا يجوز إلا أن يوزن حلي كل واحدة منهما فيكونا سواء وأن تتقابضا قبل التفرق، وأجاز بعض العلماء التبادل مع زيادة أحدهما على الآخر إذا كان مع الناقص شيء يقابل الزيادة أما إذا بيع الذهب بالفضة فإنه لا يشترط التساوي وإنما يشترط التقابض قبل التفرق بحيث يقبض البائع الثمن كاملًا ويقبض المشتري ما اشتراه كاملًا فلو باع شخص سوارين من ذهب بمائتي ريال وكل واحد يساوي مئةً فأعطاه المشتري مئة ريال وأخذ السوارين وقال آتي لك بعد قليل ببقية الثمن فهذا حرام عليهما ولا يصح البيع إلا في سوار واحد فقط أما السوار الثاني فبيعه باطل لأن ما يقابله من الثمن لم يقبض.

ولقد بلغني أن الصواغ وتجار الحلي يبيعون الحلي بالدراهم ولا يقبضون الثمن من المشتري وهذا حرام عليهم وحرام على المشتري وهو من الربا الملعون فاعله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم وفي ظني أن بعضهم لا يدري عن حكم هذه المسألة وإلا فلا أظن أن مؤمنًا بالله واليوم الآخر يعلم أن هذا ربًا ثم يتعامل به لا سيما وإن في التقابض سلامةً من الربا ومصلحةً للطرفين فالبائع ينتفع بنقد الثمن ويسلم من مماطلة المشتري أو نسيانه أو إعساره والمشتري يفك ذمته بتسليم الثمن وخلو ذمته من الطلب. وقد يفتي بعض المتعاملين بهذا نفسه فيقول أنا لم أبع ذهبًا بفضة وإنما بعت ذهبًا بقرطاس فنقول هذه الفتوى غلط فإن هذه الأوراق جعلت نقدًا وعملةً بين الناس بمقتضى قرار الحكومة فلها حكم ما جعلت بدلًا عنه فإذا جعلت بدلًا عن الريالات الفضية كان لها حكم الفضة وكل أحد يعلم بأن هذه الأوراق النقدية ليس لها قيمة باعتبار كونها ورقًا فالأسواق مملوءة من قصاصات الورق التي بقدر ورقة النقد وليس لها قيمة أصلًا بل هي ملقاة في الزبل للإتلاف والإحراق. فاتقوا الله عباد الله وسيروا في عباداتكم ومعاملاتكم وجميع تصرفاتكم على شريعة الله ولا تتبعوا أهواءكم فإن الله يقول {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: ٥٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>