تبذل فيه إن النكاح حاجة الناس كلهم فإذا أردت أن تتصرف فيه بشيء فانظر ماذا يترتب على هذا التصرف بالنسبة لغيرك لتكون مؤمنًا حقًّا تهتم بأمور إخوانك المؤمنين وتحب لهم ما تحب لنفسك.
إن المغالاة في المهور لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة لكان أولى الناس بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأةً من نسائه أكثر من اثنتي عشرة أوقيةً ونصف وهي تساوي مئةً وأربعين ريالًا فقط، يا من مَنَّ الله عليه بالغنى قلل ما تبذله من المهر وإذا دخلت على زوجتك وأعجبتك فابذل لها ما شئت ربما تبذل كثيرًا فإذا دخلت عليها ولم تعجبك ندمت على ما بذلت فاتق الله تعالى في نفسك وفي مالك وفي إخوانك. ويا أيها الأولياء لا تجعلوا همكم المال فتنظروا من يبذل أكثر أو من يشترط لكم من المال أكثر إن الأمانة أن تنظروا إلى مصلحة المرأة أن تزوجوها من تعيش معه عيشةً سعيدةً في ظل الإيمان والعمل الصالح والأخلاق الحميدة فذلك رأس المال أما عرض الدنيا فمهما كثر فهو قليل وزائل.
عباد الله ولقد أحيطت نعمة الزواج بالإسراف البالغ في الولائم من أهل الزوجة والزوج مشتركين أو منفردين يدعون جمعًا كبيرًا يحضر منهم من يحضر ويتخلف من يتخلف وأكثر من يحضر لا يحضر إلا على إغماض إما مجاملةً أو قيامًا بما أوجب الله تعالى من إجابة وليمة الزوج إن هذا الإسراف وقوع فيما نهى الله تعالى عنه وتعرض لكراهة الله تعالى للعبد فإن الله تعالى يقول {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأنعام: ١٤١] وإن هذا الإسراف عدول عن الطريق الوسط الذي هو طريق عباد الرحمن {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}[الفرقان: ٦٧] وإن هذا الإسراف خروج عن آداب القرآن حيث يقول الله تعالى {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا}[الإسراء: ٢٩] فهل ترضى أيها المؤمن أن تقع فيما نهاك الله عنه من الإسراف هل ترضى أن تُعَرِّض نفسك لكراهة الله لك هل ترضى أن تعدل بنفسك عن طريق عباد الرحمن هل ترضى أن تخرج عن آداب القرآن التي هي أعلى الآداب وأكملها إن هذا الإسراف كما أنه محذور شرعًا فهو ممقوت عادةً فإن الناس يلومون من يسرف هذا الإسراف وينظرون إليه نظرة الساخر الناقص لمن يحاول