للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظيما. ويل لقاتل المؤمن المتعمد ويل له من هذه العقوبات النار وغضب الجبار واللعنة والعذاب العظيم، وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ «أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء» . وقال ابن عباس رضي الله عنه سمعت نبيكم يقول: «يأتي المقتول متعلقا رأسه بإحدى يديه متلببا قاتله باليد الأخرى تشخب أوداجه دما حتى يأتي به إلى العرش فيقول المقتول يا رب هذا قتلني فيقول الله للقاتل تعست أي هلكت ويذهب به إلى النار» وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ «لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار» . هذه أيها المؤمنون عقوبة قاتل النفس بغير حق في الآخرة.

أما عقوبته في الدنيا فالقصاص: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٧٩] النفس بالنفس جزاء وفاقا كما أعدم أخاه المؤمن وأفقده حياته فجزاؤه أن يفعل به كما فعل ولقد جعل الله لولي المقتول سلطانا قدريا أي قدره في شرع الله وفي قضائه وقدره على قتل القاتل كما قال تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} [الإسراء: ٣٣] فهذه الآية كما تدل على أن الله جعل لولي المقتول سلطانا شرعيا في قتل القاتل فقد يفهم منها أن الله جعل له أيضا سلطانا قدريا بحيث يكون قادرا على إدراك القاتل وقتله فيهيئ الله من الأسباب ما يتمكن به من إدراكه والله على كل شيء قدير وبكل شيء محيط.

أيها المسلمون وإن من حماية الله لأموالكم أن جعل عقوبة السارق قطع يده إذا تمت الشروط كما قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: ٣٨] حتى لو استعار منك شخص شيئا يساوي ما يقطع به السارق ثم جحده وقال ما استعرت منك شيئا فتثبت عليه العارية فإنها تقطع يده بسبب جحوده العارية. كما ثبت ذلك في الصحيحين «أن امرأة من بني مخزوم كانت تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقطع يدها فأهم قريشا شأنها فكلمه أسامة بن زيد فيها فقال أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فخطب الناس فقال إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله (يعني أقسم بالله) لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>