أيها الناس إن مما أنعم الله به علينا في هذا العصر تلك السيارات التي ملأت البلاد والبر وقادها الصغير والكبير والعاقل والسفيه فهل نحن شكرنا هذه النعمة وهل نحن أحسنا التصرف فيها؟ لننظر. لقد استعمل بعض الناس هذه السيارات في أغراضه السيئة والوصول إلى مآربه السافلة فصار يفر بها إلى البراري ليتناول ما تهواه نفسه بعيدا عن الناس وعن أيدي الإصلاح ويخرج بها عن البلد ليضيع ما أوجب الله عليه من إقامة الصلاة في وقتها فهل يصح أن يقال لمثل هذا إنه شاكر لنعمة الله وهل يصح أن نقول إنه سالم من عقوبة الله كلا فهو لم يشكر نعمة الله ولم يسلم من عقوبته وليس عقوبة الله للعبد أن تكون عقوبة دنيوية مادية فهناك عقوبة أشد وهي عقوبة قسوة القلب وكونه يرى ما هو عليه من انتهاك المحرمات وإضاعة الواجبات يراه وكأنه لم يفعل شيئا يعاقب عليه بعد موته فلا يكاد يقلع عنه.
ولقد استعمل بعض الناس هذه السيارات فلم يحسن التصرف فيها وكلها إلى قوم صغار السن أو صغار العقول تجده يقود السيارة وهو صغير السن لا يكاد يُرى من نافذتها وتراه يسوق السيارات وهو كبير السن لكنه صغير العقل متهور لا يراعي الأنظمة ولا يبالي بالأرواح، سرعة جنونية في البلد وخارج البلد ونعني بالسرعة الجنونية كل سرعة تزيد على ما كان ينبغي أن يسير عليه وتختلف بحسب المكان وازدحام السكان فليست السرعة في البلد كالسرعة خارجه وليست السرعة في مكان كثير المنعطفات والمنافذ الشارعة فيه كالسرعة في خط مستقيم ليس إلى جانبه منافذ وليست السرعة في مكان يكثر فيه الناس كالسرعة في مكان خال. تجده يسير مخالفا للأنظمة يحاول أن يجاوز من أمامه وهو لم يضمن السلامة يسير في الخط المعاكس لاتجاهه وهو لغيره فيوقع من قابله في الحيرة أو التلف.
إن كل عاقل ليعجب أن تعطي قيادة السيارات لهؤلاء الصغار الذين لا يستطيعون التخلص في ساعة الخطر وإن كل عاقل ليعجب من هؤلاء المتهورين الذين لا يراعون حرمة نظام الدولة ولا حرمة نفوس المسلمين مع أن الفرق في مراعاة النظام والسير المعتدل أمر بسيط فلو قدرنا أن شخصا أراد أن يسير بسرعة تبلغ مائة كيلو في الساعة فسار بسرعة تبلغ ثمانين فمعناه أنه لم يتأخر سوى اثنتي عشرة دقيقة في سير ساعة كاملة وست دقائق في سير