فهذه عباد الله وصية الله تعالى إليكم أن تتبعوا صراطه المستقيم وأن لا تتبعوا سبيلا يخالفه فتفرق بكم الطرق عن سبيله وتجترفكم الأهواء.
أيها الناس: إن نسمع ونشاهد في كل وقت فتنا تترى علينا بدون فتور أو ضعف؛ لأنها -وللأسف - تجد مكانا متسعا ومربعا مرتعا فتنا توجب الإعراض عن كتاب الله تعالى وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن العلم بهما والعمل، فتنا تتوارد لا أقول من هناك فحسب ولكن من هناك ومن ههنا من أعدائنا ومن بني جلدتنا.
نسمع (مثلا) من يدعو إلى اختلاط النساء بالرجال وإلغاء الفوارق بينهم، إما بصريح القول أو بالتخطيط الماكر البعيد والعمل من وراء الستار وكأن هذا الداعي يتجاهل، أو يجهل أن دعوته هذه خلاف الفطرة والجبلة التي خلق الله عليها الذكر والأنثى وفارق بينهما خلقة وخلقا، كأن هذا الداعي يتجاهل أو يجهل أن هذا خلاف ما يهدف إليه الشرع من بناء الأخلاق الفاضلة، والبعد عن الرذيلة فلقد شرع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما يوجب بعد المرأة عن الاختلاط بالرجل فكان يعزل النساء عن الرجال في الصلاة ويقول خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها لماذا؟ لماذا يكون شر صفوف النساء أولها أقرب إلى الرجال من آخرها، فكان شرها وآخرها أبعد عن الرجال من أولها فكان خيرها، إذن فكلما ابتعدت المرأة عن الاختلاط بالرجال فهو خير، وكلما قربت من ذلك فهو شر. كأن هذا الداعي إلى اختلاط النساء بالرجال يتجاهل أو يجهل ما حصل لأمة الاختلاط من الويلات والفساد وانحطاط الأخلاق وانتشار الزنا وكثرة أولاد الزنا حتى أصبحوا يتمنون الخلاص من هذه المفاسد فلا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا.
ونسمع من يدعو إلى سفور المرأة وتبرجها وإبراز وجهها ومحاسنها وخلع جلباب الحياء عنها يحاول أن تخرج المرأة سافرة بدون حياء، وكأن هذا الداعي يجهل أو يتجاهل أن الحياء من جبلة المرأة التي خلقت عليها، وأن الحياء من دينها الذي خلقت له. قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:«الحياء من الإيمان» . وقال:«مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت» . كأن هذا الداعي إلى السفور يجهل أو يتجاهل ما يفضي إليه من الشر والفساد واتباع النساء