للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال سهيل والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله» ، وإنما تساهل النبي صلى الله عليه وسلم في موافقة سهيل لما في ذلك من تعظيم حرمات الله بحقن الدماء الحاصل بهذا الصلح وقد قال صلى الله عليه وسلم «والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها» ثم جرى الصلح العظيم الذي سماه الله فتحا على أن لا يدخل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة هذا العام وعلى أن يعتمر في العام المقبل فيخلوا بينه وبين مكة ثلاثة أيام ليس معه إلا سلاح الراكب والسيوف في القراب وعلى أن من جاء من قريش إلى المسلمين ردوه إلى قريش وإن كان مسلما ومن جاء إلى قريش من المسلمين لم يردوه وعلى وضع الحرب بين المسلمين وقريش عشر سنين وعلى أن من أحب أن يدخل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم دخل فيه ومن أحب أن يدخل في عهد قريش دخل فيه فراجع المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال «نعم إن من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاء منهم فسيجعل الله له فرجا ومخرجا» . وقال عمر للنبي صلى الله عليه وسلم «يا رسول الله ألسنا على الحق وعدونا على الباطل قال بلى قال فلم نعطي الدنية في ديننا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري وراجع عمر أبا بكر فقال له مثل ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال استمسك بغرزه فوالله إنه على الحق قال عمر فعملت لذلك أعمالا» ما زلت أصوم وأصلي وأتصدق وأعتق من الذي صنعت مخافة كلامي الذي تكلمت به يومئذ حتى رجوت أن يكون خير. ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن ينحروا ما معهم من الهدي وأن يحلقوا رؤوسهم ونحر هديه وأمر حالقه فحلق رأسه. فلما رأى الصحابة ذلك قاموا فنحروا وحلق بعضهم بعضا حتى كاد يقتل بعضهم بعضا من الغم مما صنع بهم المشركون من صدهم عن بيت الله الذي أولى الناس به رسول الله وأصحابه وفي العام المقبل خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة معتمرا في ذي القعدة وأمر أصحابه أن يكشفوا عن المناكب اليمنى وأن يرملوا في طوافهم ليرى المشركون جلدهم وقوتهم وكان صلى الله عليه وسلم يحب إغاظة المشركين بكل ما يستطيع ولقد كان في غزوة الحديبية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم ما كان من آيات الله فلقد شكى الصحابة قلة الماء وبين يديه إناء يتوضأ منه فوضع يده فيه فجعل الماء يفور من بين يديه كأمثال العيون فشربوا وتوضأوا وكانوا نحو ألف وأربعمائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>