آخرها كل المسلمين يتلونه كما يتلوه أول هذه الأمة ويمكنهم أن ينهلوا من معين أحكامه وحكمه كما نهل منها الرعيل الأول:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩] ومن آيات النبي صلى الله عليه وسلم هذه الشريعة الكاملة في العقيدة والعبادة والأخلاق والآداب والمعاملات وتنظيم سلوك العبد فيما بينه وبين ربه وفيما بينه وبين الخلق لو اجتمع العالم كلهم على أن يأتوا بمثل هذه الشريعة ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا لأنها شريعة الله العليم بما يصلح خلقه الحكيم بما يشرعه لهم الرحيم بما يكلفهم به. وإن كل ما جاء من صلاح أو إصلاح في أي نظام من النظم فإن الشريعة المحمدية الإسلامية ما هو أصلح منه وأنفع للخلق. وإن كان البشر لا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذه الشريعة في صلاحها وإصلاحها كان ذلك آية وبرهانا على أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم هي شريعة الله تعالى.
وأما الآيات الكونية الدالة على رسالته صلى الله عليه وسلم فكثيرة جدا لا تمكن الإحاطة بها فمنها ما جبله الله عليه من مكارم الأخلاق ومعالي الآداب ومحاسن الأعمال قال ملك غسان وقد دعاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام والله لقد دلني على هذا النبي الأمي أنه لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به ولا ينهى عن شر إلا كان أول تارك له وأنه يغلب فلا يبطر ويغلب فلا يضجر ويفي بالعهد وينجز بالموعود وأشهد أنه نبي. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) وهو كتاب قيم ينبغي للمسلم قراءته لا سيما في هذا العصر الذي كثر فيه انتشار النصارى بين المسلمين في القطاع الحكومي والشعبي ليكون الإنسان على بصيرة من أمرهم قال شيخ الإسلام إن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأخلاقه وأقواله وأفعاله وشريعته من آياته فإنه كان من أشرف أهل الأرض نسبا من صميم سلالة إبراهيم وكان من أكمل الناس تربية ونشأة لم يزل معروفا بالصدق والبر والعدل ومكارم الأخلاق وترك الفواحش والظلم لا يعرف له شيء يعاب به ولا جرت عليه كذبة قط ولا ظلم ولا فاحشة بل كان أصدق الناس وأعدلهم وأوفاهم بالعهد مع اختلاف الأحوال عليه من حرب وسلم وأمن وخوف وغنى وفقر وظهور على العدو تارة وظهور العدو عليه تارة.
ومن آيات النبي صلى الله عليه وسلم الكونية ما شاهده الناس في الآفاق السماوية والآفاق الأرضية ففي الآفاق السماوية كثرت الشهب في السماء لإحراق الشياطين التي تستمع أخباء السماء كثرت