للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستنباط الأحكام، ووراء ذلك الوحي يصحح ما وقع من الخطأ، بخلاف الإجماع بعده - صلى الله عليه وسلم - (١)، فليس هناك وحي يصححه.

الثاني: يلزم على إجازة الخطأ، أن الصحابة كانوا مأمورين باتباع جائز الخطأ. وذلك باطل.

وأجيب بأن بطلان ذلك ممنوع، بدليل الأمر بطاعة الأئمة وأولي الأمر في اجتهاداتهم، مع عدم عصمتهم من الخطأ.

الثالث: أنه يلزم، على إِجازة الخطأ، الشك فيما يقوله - صلى الله عليه وسلم - عن اجتهاد، وذلك يخلّ بمقصود البعثة.

وأجيب عن ذلك بأن الشك في ما يصدر عن اجتهاد لا يخلّ بمقصود البعثة.

إنما الذي يخلّ بمقصودها الشك في نفس الرسالة (٢). وقد عهد من الصحابة مراجعة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما علموا أنه صدر عن اجتهاد، كما فعل الحباب بن المنذر، إذ قال: يا رسول الله أهذا منزلٌ أنزلَكَهُ الله، ليس لنا أن نتقدم عنه أو نتأخر، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة. قال: ليس هذا لك بمنزل ... إلخ الحديث (٣). وكاعتراض عمر لصلاته - صلى الله عليه وسلم - على كبير المنافقين عبد الله بن أبيّ. وقد تقدمت.

فالأصح إذن جواز وقوع الخطأ. كما أشرنا إلى ذلك، مع عدم الإقرار عليه.


(١) بتصرف عن تيسير التحرير ٤/ ١٩١
(٢) تيسير التحرير ٤/ ١٩٠
(٣) سيرة ابن هشام في قصة بدر.
انظر الشفاء ٢/ ١٤٤ وتيسير التحرير ٣/ ٢٦٣ وانظر أيضاً ابن دقيق العيد، الأحكام في شرح عمدة الأحكام ١/ ٢٥٢. وقد نسب صاحب تيسير التحرير إلى الحكماء أن السهو زوال الشيء من الذاكرة مع بقائه الحافظة، والنسيان ذهابه من الذاكرة والحافظة كلتيهما. فالنسيان عندهم أعمق أثراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>