للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من رمضان، يجب صومه احتياطاً للواجب، وإن احتمل أن يكون حراماً بكونه يوم العيد (١). وقال مثل ذلك صاحب تيسير التحرير (٢).

والجواب الصحيح أن يقال: إن الاحتياط الواجب هو في وجوب أداء ما ثبت وجوبه وشكَّ في أدائه، كمن نسي صلاة من الخمس، ولم يعلم عينها، يجب عليه أن يصلي الخمس احتياطاً. وفي ما كان ثبوته هو الأصل، كصوم الثلاثين من رمضان، إذ الأصل إنه من رمضان وإن احتمل أن يكون من شوال.

أما ما لم يثبت وجوبه والأصل عدم وجوبه، فلا يصح إيجابه احتياطاً كصوم الثلاثين من شعبان (٣).

الدليل الثاني: قالوا: النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يفعل إلا حقاً وصواباً، فاتباعه حق وصواب. وترك الحق والصواب باطل وخطأ.

والجواب أن ما يفعله عُلِمَ انقسامه إلى واجب ومندوب ومباح. فما فعله على سبيل الندب فالحقّ إيقاعه على سبيل الندب، وذلك هو الحق والصواب وكذلك يقال في المباح.

الدليل الثالث: قالوا: إن الفعل آكد في البيان من القول، فإذا أفاد الأمر الوجوب، فالفعل أولى.

ويجاب عن ذلك بأنه يجوز أن يكون الفعل في بعض الأحوال أقوى بياناً، ولكن موضع ذلك هيئات التفاصيل، فأما قوة الطلب وتحتّمه فليس الفعل موضوعاً لذلك، بخلاف القول، فإن القول الآمر موضوع للإيجاب، فبطل كون الفعل أولى (٤).

الدليل الرابع: وهو شبيه بما تقدم، قالوا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الصحابة عام


(١) الآمدي: الإحكام ١/ ٢٦٣
(٢) ٣/ ١٢٦
(٣) ابن الحاجب والعضد: منتهى السول وشرحه (٢/ ٢٤)
(٤) أبو الحسين البصري: المعتمد ١/ ٣٧٨. أبو الخطاب: التمهيد ٩١ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>