للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقول: ومما جرى مجراه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما قولي لمئة امرأة كقولي لامرأة واحدة" (١).

وهذا الكلام من الغزالي حق، ونحن نقول بمقتضاه، ولكن نقول إن الأدلّة قامت على التساوي في الأحكام، بصفتها العامة، وأيضاً في حق أحكام الأفعال خاصّة، وهي ما تقدم في حجية الأفعال النبوية.

وأيضاً استعمال أهل اللغة يساعد على ذلك، فإن الرئيس الأعلى إذا قال لقائد الجيش: انزل في محل كذا، وسرْ في وقت كذا، واستعمل من السلاح كذا وكذا، ونحو ذلك، فليس ذلك خاصاً به، بل له ولمن معه. ولو أراد أن يأمره في خاصة نفسه بشيء فإنه ينصّ على الاختصاص (٢).

فالنبي - صلى الله عليه وسلم - صاحب شرع، ومنه يؤخذ الشرع، إذا أمره الله بالأمر من الشرع فهو له وللأمة التي هي تَبَع له.

وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ما أمرني الله بشيء إلا وقد أمرتكم به، ولا نهاني عن شيء إلا وقد نهيتكم عنه".

وفي الحديث أيضاً: "قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فقد أذنَ لمحمد في زيارة قبر أمه، فزوروها، فإنها تذكركم الآخرة" (٣). فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما جاءه الإذن بزيارة قبر أمه، بنى على ذلك جواز زيارة سائر المسلمين للقبور.

ومما يدل على المساواة أيضاً قول الله تعالى: {يا أيها النبي إنّا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك ... إلى قوله:


= به. قال السخاوي "ليس له أصل، قاله العراقي. وسئل عنه المزي والذهبي فأنكراه" (المقاصد الحسنة ص ١٩٢)
(١) رواه الترمذي وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني الشيخين بإخراجها لثبوتها على شرطهما (المقاصد الحسنة ص ١٩٣)
(٢) نقل الآمدي هذا الاستدلال عن قوم، ووجهه، ثم رد عليه. وانظر كتابه: الإحكام ٢/ ٣٨٠ - ٣٨٢
(٣) رواه الترمذي (الفتح الكبير).

<<  <  ج: ص:  >  >>