للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وامرأةً مؤمنةً إن وهبت نفسها للنبيّ إن أراد النبي أن يستنكحها خالصةً لك من دون المؤمنين} (١).

قال ابن تيمية (٢): "إنها تدل على هذا الأصل من وجهين:

أحدهما: أنه قال {خالصةً لك} ليبيّن اختصاصه بذلك، فعلم أنه حيث سكت عن الاختصاص كان الاشتراك ثابتاً، وإلا فلا معنى لتخصيص هذا الموضع ببيان الاختصاص.

والثاني: أن ما أحلّه له من الأزواج والمملوكات أطْلق، وفي الواهبة قيّدها بالخلوص له، فعلم أنه حيث سَكَت عن التقييد فذلك دليل الاشتراك".

ويتأيّد أيضاً بما بيّنه الشاطبي (٣) من أن الأدلة الجزئية في الشريعة يمكن أخذها كلية إلا ما خصّه الدليل.

واستدل على ذلك بأدلة.

منها: أن الأصل عموم التشريع، كقوله تعالى: {قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً} (٤) وقوله: {وما أرسلناك إلا كافةً للناس} (٥) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت إلى كلّ أحمر وأسود" (٦).

ومنها: أصل شرعية القياس، إذ لا معنى له إلا جعل الخاصّ الصيغة عامّاً في المعنى. قال وهو معنى متفق عليه.

ومنها: قالوا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة" (٧) وقال: "إني لأَنْسَى أو أُنسَّى لأسُنّ" (٨).


(١) سورة الأحزاب: آية ٥٠
(٢) الفتاوى الكبرى ٤/ ٤٤٤.
(٣) الموافقات ٣/ ٥١ - ٥٣
(٤) سورة الأعراف: آية ١٥٨
(٥) سورة سبأ: آية ٢٨
(٦) رواه مسلم ٥/ ١
(٧) تقدم آنفاً اإشارة إلى أن الحديث لا أصل له.
(٨) رواه مالك (١/ ١٠٠) بلاغاً، وانفرد به. انظر الكلام عليه في مقدمة تنوير الحوالك للسيوطي، وتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي للموطأ (١/ ١٠٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>