للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما سوى ذلك، فإن القول الجامع أن يقال: إن المطلوب المماثلة فيه ما كان من المتعلقات المذكورة غرضاً مقصوداً على سبيل أنه شرع، عندما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الفعل.

يقول أبو الحسين البصري في شرح قولهم: (على الوجه الذي فعل) "أما الوجه الذي وقع عليه الفعل، فهو الأغراض والنيات، فكل ما عرفناه أنه غرض في الفعل اعتبرناه. ويدخل في ذلك نية الوجوب والنفل" (١). ويقول ابن أمير الحاج: "معنى على وجهه أن يكون مشاركاً له في الصفة والغرض، والنية" (٢).

فإن علمنا أن شيئاً منها ليس مقصوداً، فلا يدخل في التأسّي، ويقول أبو الخطاب الحنبلي: "إذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الفعل في زمان ومكان، وعلمنا أن في ذلك غرضاً، مثل صلاة الجمعة، وصوم رمضان، والوقوف بعرفة (فإننا لا نكون متأسِّين به إذا فعلناه في غير الزمان والمكان) وإن لم نعلم أن فيه غرضاً، مثل أن ينقل أن تصدق بيمينه وقت الظهر بباب مسجده، فإن التأسّي يحصل بالصدقة، وإن تصدق بشماله، في غير باب مسجده، وغير وقت الظهر" (٣).

والحاصل أن ما علمناه مقصوداً في الفعل، من المتعلقات المذكورة فهو معتبر في الاقتداء.

وما علمناه غير مقصود فهو خارج.

وما لم نعلم أنه مقصود، ولا أنه غير مقصود، فهو موضع الإشكال، وهو موضع البحث في هذا الفصل.

وقبل الشروع في التفاصيل نقدّم مسائل تتعلق بهذا الأصل العام.

المسألة الأولى: أن المراد بالقصد والغرض فيما تقدم، قصد التعلّق من حيث الموافقة للشريعة، لا قصد المتعلق لذاته، أو لمصلحة عارضة، فإذا صلى، - صلى الله عليه وسلم -، في


(١) المعتمد ١/ ٣٧٢
(٢) التقرير والتحبير ٢/ ٣٠٣
(٣) أبو الخطاب: التمهيد ق ٨٩ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>