للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستعماله بعض ألفاظ الدعاء التي لا يراد بها أصل موضوعها، كقوله لأم سليم: "تربت يداك" وقوله عن صفية: "عقرى حلقى".

وإجابته عما لم يسأل عنه، إذا علم من حال السائل أنه يجهل ما هو بحاجة إليه، كما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التوضّؤ بماء البحر، فقال: "البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته" (١).

ومنها إجماله قبل البيان توطئةً له وتثبيتاً، وتنبيهاً على قيمة ما سيقال، كقوله لأبيّ: "لأعلمنّك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد" (٢) ثم علّمه الفاتحة.

إلى غير ذلك مما استقرأه المتكلّمون في علم البلاغة، وفي البلاغة النبوية خاصة (٣).

الجهة الخامسة: العادات الكلامية كما قالت عائشة: "ما كان - صلى الله عليه وسلم - يسرد كسردكم هذا. كان يتكلم كلاماً فصلاً لو عدّه العادّ لأحصاه. وكان إذا تكلّم الكلمةَ أعادها ثلاثاً لتحفظ عنه".

الجهة السادسة: إغلاظ القول ولينه. فقد كان - صلى الله عليه وسلم - لأمته كالطبيب المعالج، يستعمل كل شيء في موضعه الذي يستحقه.

وكان ربما يُبْهِم إذا أراد الإنكار على معيّن، ويقول: "ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا؟ " ولا يسميهم.

الجهة السابعة: بيانه - صلى الله عليه وسلم - للأحكام مقرونة بالتعليل والبرهنة المقنعة. كما في حديث أبي هريرة: "أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله: ولد لي غلام


(١) رواه مالك في الموطأ ١/ ٢٢ وأصحاب السنن.
(٢) البخاري ٨/ ١٥٦ وأبو داود، وأحمد ٤/ ٢١١
(٣) انظر مثلاً: مصطفى صادق الرافعي: إعجاز القرآن والبلاغة النبوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>