للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن الزبير في خلافته ما تركه النبي - صلى الله عليه وسلم - من البنيان، ولما جاء الحجاج أعادها إلى ما كانت عليه.

ومثال آخر: تركه - صلى الله عليه وسلم - قتل المنافقين مع عظم فسادهم، وقولهم كلمة الكفر، وإرجافهم، "خشية أن يقول الناس: "أن محمداً يقتل أصحابه". إذ هم في الظاهر مؤمنون، فيكون قتلهم صادّاً للناس عن الدخول في الإسلام.

النوع الخامس: الترك على سبيل العقوبة، كتركه الصلاة على المَدِين (١) وقد نسخ هذا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من ترك ديناً أو ضياعاً فإليّ".

و"لم يصل على ماعز بن مالك ولم ينه عن الصلاة عليه" (٢).

وفي حديث أبي هريرة: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بالرجل المتوفى، عليه الدين، فإن حُدِّث أنه ترك وفاءً صلّى عليه، وإلاّ قال للمسلمين: صلّوا على صاحبكم. فلما فتح الله على رسوله كان يصلّي ولا يسأل عن الدين" (٣).

النوع السادس: الترك لمانع شرعيّ: ومثاله قصة نومه - صلى الله عليه وسلم - ومن معه عن صلاة الفجر. فما استيقظوا إلاّ بعد طلوع الشمس، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من نسي صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها" (٤). ومع هذا لم يبادر إلى الصلاة، بل اقتادوا رواحلهم حتى خرجوا من الوادي، وصلّوا.

فيحتمل أن الترك كان لكون الشمس في أول طلوعها وذلك مانع من فعل الصلاة. ويحتمل أن يكون لأن الواديَ به شيطان.

فعلى هذين الاحتمالين تجب المبادرة إلى الصلاة إن لم يكن مانع.

أما إن قدرنا أن التأخير لم يكن لشيء من ذلك، فالحديث يدل على جواز التأخير مطلقاً (٥)، في حدود عدم المبالغة في التأخير.


(١) رواه البخاري. الفتح ٤/ ٤٧٤
(٢) رواه أبو داود والنسائي (جامع الأصول ٧/ ١٥٩).
(٣) متفق عليه (جامع الأصول ٧/ ١٥٩)
(٤) متفق عليه (الفتح الكبير).
(٥) ابن دقيق العيد: شرح العمدة ١/ ٢٧٥

<<  <  ج: ص:  >  >>