للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باليد أو باللسان، وخاصّة بعد أن نزل عليه قوله تعالى: {والله يعصمك من الناس}.

ثالثاً: أن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز باتفاق، ومن فعل ما يخالف الشرع فإما أن يكون فعله جاهلاً بالمخالفة، أو عالماً بها. فإن كان جاهلاً بها وجب البيان له ليستدرك ما فات إن كان مما يستدرك، كالإنكار على المسيء صلاته في الحديث المشهور، ولئلا يعود إلى المخالفة في المستقبل. وإن كان عالماً فلئلا يتوهم نسخ الشرع المخالف، وثبوت عدم التحريم (١).

رابعاً: ما علم من حال الصحابة في وقائع كثيرة، أنهم كانوا يحتجون بتقريره - صلى الله عليه وسلم - على الجواز (٢). ونذكر من ذلك بعضها، على سبيل التمثيل لا الحصر.

فمنها: "أن أنس بن مالك سئل وهو غاد إلى عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقال: كان يهلّ منا المهل فلا ينكر عليه، ويكبّر منا المكبر فلا ينكر عليه" (٣).

ومنها: قول أبي بن كعب: "الصلاة في الثوب الواحد سنة، كنا نفعله على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا يعاب علينا" (٤).

ومنها: قول ابن عباس: "أقبلت راكباً على حمار أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي أحد" (٥).

ومنها: ما قال البخاري: "باب من رأى ترك النكير من النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة. وروى بسنده: "أن جابر بن عبد الله حلف بالله إن ابن صياد الدجال. فقال له:


(١) انظر البخاري: شرح أصول البزدوي ٣/ ٢٦٩ وانظر أيضاً: تيسير التحرير ٣/ ١٢٨
(٢) الغزالي: المنخول ٢٣٠. المستصفى ٢/ ٥٢
(٣) البخاري ٣/ ٥١٠
(٤) رواه أحمد ٥/ ١٤١
(٥) حديث ابن عباس: البخاري ١/ ٥٧١

<<  <  ج: ص:  >  >>