بالدليل الخاص الذي دل على وجوب تأسينا به فيه. وهذا الدليل مختص بنا فقط. فتقديم القول يقتضي إبطال هذا الدليل من كل وجه. وهو متأخر معارض للأول. فالقول بالنسخ أقوى.
وذكر بعض المتأخرين في هذه الصورة التفصيل المتقدم أيضاً، وهو أن القول إذا لم يقتضِ التكرار فإنه حينئذٍ لا معارضة في حقنا أيضاً. وإنما يجيء النسخ إذا كان القول مقتضياً للتكرار.
٢٣، ٢٤ - الثامنة، والتاسعة: أن يتقدم الفعل، ويجيء القول بعده، خاصاً بنا، إما متعقباً، أو على التراخي.
فلا معارضة في حقه - صلى الله عليه وسلم - لاختصاص القول بنا، وأما في حقنا فالقول ناسخ لمقتضى الفعل في الصورة الثانية، وفاقاً. وفي الصورة الأولى عند من يجيز النسخ قبل التمكن (وأما من) لا يجيز ذلك فلا تُتَصَوَّر المسألة عنده. أو تجعل ترجيح القول من جهة التخصيص كما قال ابن الخطيب، لا من جهة النسخ. وفيه من البحث ما قدمناه.
٢٥ - العاشرة: أن يجهل التاريخ من التقدم والتأخر، والقول خاص بنا.
ففيه الأقوال الثلاثة المتقدمة في الفصل الثالث. واتفق الآمدي وابن الحاجب على ترجيح مقتضى القول هنا، لما تقدم في ذلك الفصل. قال ابن الحاجب: والقول بالوقف هنا ضعيف، بخلاف الصورة الخامسة، لأنا متعبدون هنا بوجوب العمل بإحداهما إما الفعل، وإما القول. لأن كُلاًّ منهما مفروض بالنسبة إلينا، ولا يمكن العمل يهما. وقد ثبت رجحان القول على الفعل بتعين المصير إلى العمل بالقول، بخلاف الصورة الخامسة التي رجح فيها الوقف، فإنهما بالنسبة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ ولا يجب علينا الحكم بوجوب العمل بإحداهما بالنسبة إليه. فالقول بالوقف أولى.
٢٦ - الحادية عشرة: أن يتقدم القول، ويكون عاماً لنا وله، ويقع الفعل بعده متعقباً، قبل التمكن من الامتثال لمقتضى القول.