فعلى رأي المعتزلة لا تتصور هذه المسألة، إذ النسخ لا يجوز في هذه الصورة ولا يمكن فرض ذلك على أنه معصية، لقيام الدليل الخاص على تكرره في حقه وتأسي الأمة به فيه. وأما عند أصحابنا فالفعل ناسخ لمقتضى القول قبل التمكن. قال بعض المتأخرين: هذا إذا كان عموم القول بطريق النصوصية، فإن كان بطريق الظهور فإن الفعل حينئذٍ يكون مخصصاً للقول، كما تقدم. وهذا مأخوذ من مقتضى تفصيل ابن الحاجب في الصورة المتقدمة في القطب الأول. لكن جزم القول هنا بأن المتأخر ناسخ، ولم يفصل؛ وهو لازم له.
٢٧ - الثانية عشرة: أن تكون الصورة كذلك، لكن الفعل بعد التمكن من امتثال مقتضى القول.
وقد جزموا بأن الفعل ناسخ هنا. وفي الحقيقة الناسخ إنما هو الفعل مع الدليل الدال على وجوب تكرره وتأسي الأمة به. وقال المتأخر المشار إليه أن ذلك إنما يكون إذا اقتضى القول التكرار، فإن لم يقتضِ التكرار فلا معارضة لا في حقه ولا في حقنا.
٢٨، ٢٩ - الثالثة عشرة، والرابعة عشرة: أن يتقدم الفعل، ويجيء القول بعده، عاماً لنا وله، إما متعقباً، أو مع التراخي.
فالقول هنا ناسخ لوجوب التكرار في حقه.
وكذلك لوجوب التأسّي في حقنا، لكن في صورة التعقب على القول بجواز النسخ قبل التمكن. ومن لا يجيز ذلك يحتمل أن يكون تقديم القول عنده بطريق الترجيح للقول، لا على وجه النسخ.
٣٠ - الخامسة عشرة: أن يجهل التاريخ، والقول أيضاً عام لنا وله - صلى الله عليه وسلم -.
ففيه المذاهب الثلاثة. والذي يظهر ترجيح القول بالوقف في حقه - صلى الله عليه وسلم -، والعمل بمقتضى القول في حق الأمة، لما تقدم.