. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَعَمْرو بْن دِينَار رَوَى الْحَدِيثَيْنِ مَعًا ثُمَّ قَالَ اُنْظُرُوا أَيّهمَا كَانَ قَبْل وَهَذَا يَدُلّ على أنهم علموا نسخ الأمر بحديث بن عَبَّاس
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ قَالَ أَبُو بَكْر النَّيْسَابُورِيّ حديث بن عُمَر قَبْل لِأَنَّهُ قَالَ نَادَى رَجُل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي المسجد فذكره وبن عَبَّاس يَقُول سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب بِعَرَفَاتٍ
فَإِنْ قِيلَ حَدِيث بن عباس رواه أيوب والثوري وبن عيينة وبن زيد وبن جُرَيْجٍ وَهُشَيْم كُلّهمْ عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عن جابر بن زيد عن بن عَبَّاس وَلَمْ يَقُلْ أَحَد مِنْهُمْ بِعَرَفَاتٍ غَيْر شُعْبَة وَرِوَايَة الْجَمَاعَة أَوْلَى مِنْ رِوَايَة الْوَاحِد
قِيلَ هَذَا عَبَث فَإِنَّ هَذِهِ اللَّفْظَة مُتَّفَق عَلَيْهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَنَاهِيك بِرِوَايَةِ شُعْبَة لَهَا وَشُعْبَة حَفِظَهَا وَغَيْره لَمْ يَنْفِهَا بَلْ هِيَ فِي حُكْم جُمْلَة أُخْرَى فِي الْحَدِيث مُسْتَقِلَّة وَلَيْسَتْ تَتَضَمَّن مُخَالَفَة لِلْآخَرِينَ وَمِثْل هَذَا يُقْبَل وَلَا يُرَدّ وَلِهَذَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ
وَقَدْ قَالَ علي رضي الله عنه قَطْع الْخُفَّيْنِ فَسَاد يَلْبَسهُمَا كَمَا هُمَا وَهَذَا مُقْتَضَى الْقِيَاس فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَّى بَيْن السَّرَاوِيل وَبَيْن الْخُفّ فِي لِبْس كُلّ مِنْهُمَا عِنْد عَدَم الْإِزَار وَالنَّعْل وَلَمْ يَأْمُر بِفَتْقِ السَّرَاوِيل لَا فِي حَدِيث بن عمر ولا في حديث بن عَبَّاس وَلَا غَيْرهمَا
وَلِهَذَا كَانَ مَذْهَب الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَلْبَس السَّرَاوِيل بِلَا فَتْق عِنْد عَدَم الْإِزَار فَكَذَلِكَ الْخُفّ يُلْبَس وَلَا يُقْطَع وَلَا فَرْق بَيْنهمَا وَأَبُو حَنِيفَة طَرَدَ الْقِيَاس وَقَالَ يَفْتَق السَّرَاوِيل حَتَّى يَصِير كَالْإِزَارِ وَالْجُمْهُور قَالُوا هَذَا خِلَاف النَّصّ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ السَّرَاوِيل لِمَنْ لَمْ يَجِد الْإِزَار وَإِذَا فُتِقَ لَمْ يَبْقَ سَرَاوِيل وَمَنْ اِشْتَرَطَ قَطْع الْخُفّ خَالَفَ الْقِيَاس مَعَ مُخَالَفَته النَّصّ الْمُطْلَق بِالْجَوَازِ
وَلَا يَسْلَم مِنْ مُخَالَفَة النَّصّ وَالْقِيَاس إِلَّا مَنْ جَوَّزَ لِبْسهمَا بِلَا قَطْع أَمَّا الْقِيَاس فَظَاهِر وَأَمَّا النَّصّ فَمَا تَقَدَّمَ تَقْدِيره
وَالْعَجَب أَنَّ مَنْ يُوجِب الْقَطْع يوجب مالا فَائِدَة فِيهِ فَإِنَّهُمْ لَا يُجَوِّزُونَ لِبْس الْمَقْطُوع كَالْمَدَاسِ وَالْجُمْجُم وَنَحْوهمَا
بَلْ عِنْدهمْ الْمَقْطُوع كَالصَّحِيحِ فِي عَدَم جَوَاز لِبْسه
فَأَيّ مَعْنًى لِلْقَطْعِ وَالْمَقْطُوع عِنْدكُمْ كَالصَّحِيحِ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَة فَيُجَوِّز لِبْس الْمَقْطُوع وَلَيْسَ عِنْده كَالصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ الْمَدَاس وَالْجُمْجُم وَنَحْوهمَا
قَالَ شَيْخنَا وَأَفْتَى بِهِ جَدِّي أَبُو الْبَرَكَات فِي آخِر عُمْره لَمَّا حَجَّ قَالَ شَيْخنَا وَهُوَ الصَّحِيح لِأَنَّ الْمَقْطُوع لِبْسه أَصْل لَا بَدَل
قَالَ شَيْخنَا فَأَبُو حَنِيفَة فهم من حديث بن عُمَر أَنَّ الْمَقْطُوع لِبْسه أَصْل لَا بَدَل فَجَوَّزَ لِبْسه مُطْلَقًا وَهَذَا فَهْم صَحِيح وَقَوْله فِي هَذَا أَصَحّ مِنْ قَوْل الثَّلَاثَة وَالثَّلَاثَة فَهِمُوا مِنْهُ الرُّخْصَة فِي لِبْس السَّرَاوِيل عَنْهُ عَدَم الْإِزَار وَالْخُفّ عِنْد عَدَم النَّعْل وَهَذَا فَهْم صَحِيح وَقَوْلهمْ فِي