. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الْخَامِس أَنَّ هَذَا يَتَضَمَّن تَعْلِيق الْحُكْم وَهُوَ الْفِطْر بِوَصْفٍ لَا ذِكْرَ لَهُ فِي الْحَدِيث أَصْلًا وَإِبْطَال تَعْلِيقه بِالْوَصْفِ الَّذِي عَلَّقَهُ بِهِ الشَّارِع وَهَذَا مِنْ أَبْطَلَ الْبَاطِل
السَّادِس أَنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ وَحَاشَا لِلَّهِ فِي قَوْله أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم فَكَيْف يَصِحّ ذَلِكَ فِي حَدِيث أَنَس الَّذِي جَعَلْتُمُوهُ عُمْدَتكُمْ فِي الْبَاب وَهُوَ قَوْله لِجَعْفَرٍ وَقَدْ مَرَّ بِهِ وَهُوَ يَحْتَجِم أَفْطَرَ هَذَانِ ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْحِجَامَة بَعْد وَفِي قَوْله نَهَى عَنْ الْحِجَامَة وَلَمْ يُحَرِّمهَا
السَّابِع أَنَّهُ كَيْف يَتَّفِق بِضْعَة عَشَر صَحَابِيًّا عَلَى رِوَايَة أَحَادِيث كُلّهَا مُتَّفِقَة بِلَفْظِ واحد ويكون النبي قَدْ ذَكَر الْحِجَامَة فِيهَا وَلَا تَأْثِير لَهَا فِي الْفِطْر وَكُلّهمْ يَقُول أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم الثَّامِن أَنَّهُ كَيْف يَجُوز لِلصَّحَابَةِ أَنَّ يُفْتُوا بِذَلِكَ وَيَقُولُوا أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم أَفَتَرَى اِسْتَمَرَّ التَّعْرِيف بِذَلِكَ دَائِمًا وَدَفَعَ الْأَحَادِيث مَتَى وَصَلَ إِلَى هَذَا الْحَدّ سَاءَ وَقَبُحَ جِدًّا التَّاسِع أَنَّا نَقُول نَعَمْ هُوَ لِلتَّعْرِيفِ بِلَا شَكٍّ فَإِنَّ أَحْكَام الشَّارِع إِنَّمَا تُعْرَف بِالْأَوْصَافِ وَتُرْبَط بِهَا وَتَعُمّ الْأُمَّة لِأَجْلِهَا فَالْوَصْف فِي الْحَدِيث الْمَذْكُور لِتَعْرِيفِ حُكْمه وَأَنَّهُ مُرْتَبِط بِهَذَا الْوَصْف مَنُوط بِهِ
الْعَاشِر أَنَّ صَاحِب الْقِصَّة الَّتِي جرت له قال مر على النبي وَأَنَا أَحْتَجِم فَقَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِم وَالْمَحْجُوم فَلَوْ كَانَ فِطْره بِغَيْرِ ذَلِكَ لَبَيَّنَهُ لَهُ الشَّارِع لِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ وَلَمْ يَخْفَ عُلَى الصَّحَابِيّ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَذِكْره الْحِجَامَة مَعْنَى
وَتَأْخِير الْبَيَان عَنْ وَقْت الْحَاجَة لَا يَجُوز فَكَيْف يَتْرُك الشَّارِع بَيَان الْوَصْف الْمُفْطِر فَلَا يُبَيِّنُهُ لِلْمُكَلَّفِ وَيَذْكُر لَهُ وَصْفًا لَا يُفْطِر بِحَالٍ وَأَمَّا قَوْلهمْ إِنَّ الْفِطْر بِالْغِيبَةِ
فَهَذَا بَاطِل مِنْ وُجُوه أَحَدهَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَثْبُت وَإِنَّمَا جَاءَ فِي حَدِيث وَاحِد مِنْ تِلْكَ الْأَحَادِيث وَهُمَا يَغْتَابَانِ النَّاس مَعَ أَنَّهَا زِيَادَة بَاطِلَة
الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ لَكَانَ الْأَخْذ لِعُمُومِ اللَّفْظ الَّذِي عَلَّقَ بِهِ الْحُكْم دُون الْغِيبَة الَّتِي لَمْ يُعَلِّق بِهَا الْحُكْم
الثَّالِث أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَا ذَكَرُوهُ صَحِيحًا لَكَانَ مُوجِب الْبَيَان أَنْ يَقُول أَفْطَر الْمُغْتَابَانِ عَلَى عَادَتِهِ وَعَرَّفَهُ مِنْ ذِكْر الْأَوْصَاف الْمُؤَثِّرَة دُون غَيْرهَا فَكَيْف يَعْدِل عَنْ الْغِيبَة الْمُؤَثِّرَة إِلَى الْحِجَامَة الْمُهْدَرَة الرَّابِع أَنَّ هَذَا يَتَضَمَّن حَمْل الْحَدِيث عَلَى خِلَاف الْإِجْمَاع وَتَعْطِيله فَإِنَّ الْمُنَازِع لَا يَقُول بِأَنَّ الْغِيبَة تُفْطِر فَكَيْف نَحْمِل الْحَدِيث عَلَى مَا نَعْتَقِد بُطْلَانه الْخَامِس أَنَّ سِيَاق الْأَحَادِيث يُبْطِل هَذَا التَّأْوِيل كَمَا تَقَدَّمَ