. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَقَالَ تَعَالَى {يَتَخَافَتُونَ بَيْنهمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا} فَهَذِهِ أَيَّام بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى بَعْدهَا {إِذْ يَقُول أَمْثَلهمْ طَرِيقَة إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا} فَدَلَّ الْكَلَام الْأَخِير عَلَى أَنَّ الْمَعْدُود الْأَوَّل أَيَّام وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {سَبْع لَيَالٍ وَثَمَانِيَة أَيَّام} فَلَا تَغْلِيب هُنَاكَ لِذِكْرِ النَّوْعَيْنِ وَإِضَافَة كُلّ عَدَد إِلَى نَوْعه
وَأَمَّا السُّؤَال الثَّانِي وَهُوَ اِخْتِصَاص شَوَّال فَفِيهِ طَرِيقَانِ
أَحَدهمَا أَنَّ الْمُرَاد بِهِ الرِّفْق بِالْمُكَلَّفِ لِأَنَّهُ حَدِيث عَهْد بِالصَّوْمِ فَيَكُون أَسْهَلَ عَلَيْهِ فَفِي ذِكْر شَوَّال تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ صَوْمهَا فِي غَيْره أَفْضَل هَذَا الَّذِي حَكَاهُ الْقَرَافِيّ مِنْ الْمَالِكِيَّة وَهُوَ غَرِيب عَجِيب
الطَّرِيق الثَّانِي أَنَّ الْمَقْصُود بِهِ الْمُبَادَرَة بِالْعَمَلِ وَانْتِهَاز الْفُرْصَة خَشْيَة الْفَوَات
قَالَ تَعَالَى {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات} وَقَالَ {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَة مِنْ رَبّكُمْ} وَهَذَا تَعْلِيلُ طَائِفَةٍ مِنْ الشَّافِعِيَّة وَغَيْرهمْ
قَالُوا وَلَا يَلْزَم أَنْ يُعْطِيَ هَذَا الْفَضْل لِمَنْ صَامَهَا فِي غَيْره لِفَوَاتِ مَصْلَحَة الْمُبَادَرَة وَالْمُسَارَعَة الْمَحْبُوبَة لِلَّهِ
قَالُوا وَظَاهِر الْحَدِيث مَعَ هَذَا الْقَوْل
وَمَنْ سَاعَدَهُ الظَّاهِرُ فَقَوْلُهُ أَوْلَى
وَلَا رَيْب أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِلْغَاء خُصُوصِيَّة شَوَّال وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهِ فَائِدَة
وَقَالَ آخَرُونَ لَمَّا كَانَ صَوْم رَمَضَان لَا بُدّ أَنْ يَقَع فِيهِ نَوْع تَقْصِير وَتَفْرِيط وَهَضْم مِنْ حَقِّهِ وَوَاجِبِهِ نَدَبَ إِلَى صَوْم سِتَّة أَيَّام مِنْ شَوَّال جَابِرَةٍ لَهُ وَمُسَدِّدَة لِخَلَلِ مَا عَسَاهُ أَنْ يَقَع فِيهِ
فَجَرَتْ هَذِهِ الْأَيَّام مَجْرَى سُنَن الصَّلَوَات الَّتِي يُتَنَفَّل بِهَا بَعْدهَا جَابِرَة وَمُكَمِّلَة وَعَلَى هَذَا تَظْهَر فَائِدَة اِخْتِصَاصهَا بِشَوَّال وَاَللَّه أَعْلَم
فَهَذِهِ ثَلَاث مَآخِذ
وَسِوَى هَذَا جَوَاب السُّؤَال الثَّالِث وَهُوَ اِخْتِصَاصهَا بِهَذَا الْعَدَد دُون مَا هُوَ أَقَلّ وَأَكْثَر فَقَدْ أَشَارَ فِي الْحَدِيث إِلَى حِكْمَته فَقَالَ فِي حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْر أَمْثَالهَا فَثَلَاثِينَ بِثَلَاثِمِائَةٍ وَسِتَّة بِسِتِّينَ وَقَدْ صَامَ السَّنَة وَكَذَلِكَ فِي حَدِيث ثَوْبَان وَلَفْظه مَنْ صَامَ سِتَّة أَيَّام بَعْد الْفِطْر كَانَ تَمَام السَّنَة مَنْ جَاءَ بالحسنة فله عشر أمثالها لفظ بن مَاجَةَ
وَأَخْرَجَهُ صَاحِب الْمُخْتَارَة
وَلَفْظ النَّسَائِيّ فِيهِ صِيَام رَمَضَان بِعَشْرَةِ أَشْهُر وَصِيَام سِتَّة أَيَّام بِشَهْرَيْنِ
فَذَلِكَ صِيَام سَنَة يَعْنِي صِيَام رَمَضَان وَسِتَّة أَيَّام بَعْده فَهَذِهِ هِيَ الْحِكْمَة فِي كونها ستة