الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وَذَكَرَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْمَدِينِيِّ قَالَ سَمَاعُ الْحَسَنِ مِنْ سَمُرَةَ صَحِيحٌ
قَالَ وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ وَقَالَ إِنَّمَا يُحَدِّثُ عَنْ صَحِيفَةَ سَمُرَةَ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
الْوَعِيد مَنْ أَكَلَهَا أَكْلًا غَيْر مَأْذُون فِيهِ شَرْعًا فَأَمَّا مَا أَذِنَ فِيهِ الشَّارِع مِنْهَا فَلَا يَتَنَاوَلهُ الْوَعِيد
وَلِهَذَا كَانَ لِلْفَقِيرِ أَنْ يَأْكُل مِنْهَا أَقَلّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ حَاجَته أَوْ قَدْر عَمَله
وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ظُلْمًا لِإِذْنِ الشَّارِع فِيهِ
وَهَذَا هُوَ بِعَيْنِهِ الْجَوَاب عَنْ قوله إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَام فَإِنَّ التَّحْرِيم يَتَنَاوَل مَا لَمْ يَقَع فِيهِ الْإِذْن مِنْ الشَّارِع وَلَا مِنْ الْمَالِك وَأَمَّا مَا أَذِنَ فِيهِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدهمَا فَلَيْسَ بِحَرَامٍ
وَلِهَذَا يُنْتَزَع مِنْهُ الشِّقْص الْمَشْفُوع فِيهِ بِغَيْرِ رِضَاهُ لِإِذْنِ الشَّارِع وَيُنْزَع مِنْهُ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ ضَرُورَة مِنْ طَعَام أَوْ شَرَاب إِمَّا مَجَّانًا عَلَى أَحَد الْقَوْلَيْنِ أَوْ بِالْمُعَارَضَةِ عَلَى الْقَوْل الْآخَر
وَيُكْرَه عَلَى إِخْرَاج مَاله لِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوق وَغَيْر ذَلِكَ
وَهَذِهِ الصُّوَر وَأَمْثَالهَا لَيْسَتْ مُسْتَثْنَاة مِنْ هَذِهِ النُّصُوص بَلْ النُّصُوص لَمْ تَتَنَاوَلهَا وَلَا أُرِيدَتْ بِهَا قطعا
وأما حديث بن عُمَر لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدكُمْ مَاشِيَة أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنه فَحَدِيث صَحِيح مُتَّفَق عَلَى صِحَّته
وَقَدْ اِخْتَلَفَتْ الرِّوَايَة عَنْ الْإِمَام أَحْمَد فِي جَوَاز اِحْتِلَاب الْمَاشِيَة لِلشُّرْبِ
وَلَا خِلَاف فِي مَذْهَبه أَنَّهُ لَا يَجُوز اِحْتِلَابهَا لِغَيْرِهِ وَهُوَ كَالْخُبْنَةِ فِي الثِّمَار فَمَنَعَهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَخْذًا بحديث بن عُمَر وَجَوَّزَهُ فِي الْأُخْرَى أَخْذًا بِحَدِيثِ سَمُرَة
ومن رجح المنع قال حديث بن عُمَر أَصَحّ
فَإِنَّ حَدِيث سَمُرَة مِنْ رِوَايَة الْحَسَن عَنْهُ وَهُوَ مُخْتَلَف فِي سَمَاعه مِنْهُ
وأما حديث بن عُمَر فَمِنْ رِوَايَة اللَّيْث وَغَيْره عَنْ نَافِع عَنْهُ
وَلَا رَيْب فِي صِحَّته
قَالُوا وَالْفَرْق بَيْنه وَبَيْن الثَّمَرَة
أَنَّ اللَّبَن مَخْزُون فِي الضَّرْع كَخَزْنِ الْأَمْوَال فِي خِزَانَتهَا وَلِهَذَا شَبَّهَهَا النبي بِذَلِكَ وَأَخْبَرَ أَنَّ اِسْتِخْرَاجهَا مِنْ الضُّرُوع كَاسْتِخْرَاجِ الْأَمْوَال مِنْ الْخَزَائِن بِكَسْرِهَا
وَهَذَا بِخِلَافِ الثَّمَرَة فَإِنَّهَا ظَاهِرَة بَادِيَة فِي الشَّجَرَة غَيْر مَخْزُونَة
فَإِذَا صَارَتْ إِلَى الْخِزَانَة حَرُمَ الْأَكْل مِنْهَا إِلَّا بِإِذْنِ الْمَالِك
قَالُوا وَأَيْضًا فَالشَّهْوَة تَشْتَدّ إِلَى الثِّمَار عِنْد طِيبهَا
لِأَنَّ الْعُيُون تَرَاهَا وَالنُّفُوس شَدِيدَة الْمَيْل إِلَيْهَا
وَلِهَذَا جَوَّزَ النَّبِيّ فِيهَا الْمُزَابَنَة فِي خَمْسَة أَوْسُق أَوْ دُونهَا فِي الْعَرَايَا لَمَّا شَكَوْا إِلَيْهِ شَهْوَتهمْ إِلَيْهَا وَأَنَّهُ لَا ثَمَن بِأَيْدِيهِمْ بِخِلَافِ اللَّبَن فَإِنَّهُ لَا يُرَى وَلَا تَشْتَدّ الشَّهْوَة إِلَيْهِ كَاشْتِدَادِهَا إِلَى الثِّمَار
قَالُوا وَأَيْضًا فَالثِّمَار لَا صُنْع فِيهَا لِلْآدَمِيِّ بِحَالٍ بَلْ هِيَ خَلْق اللَّه سُبْحَانه لَمْ تَتَوَلَّد مِنْ كَسْب