. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
آدَمِيّ وَلَا فِعْله بِخِلَافِ اللَّبَن فَإِنَّهُ لَا يَتَوَلَّد مِنْ عَيْن مَال الْمَالِك وَهُوَ الْعَلَف
وَإِنْ كَانَتْ سَائِمَة فَلَا بُدّ مِنْ قِيَامه عَلَيْهَا وَرَعْيه إِيَّاهَا وَلَا بُدّ مِنْ إِعَالَته لَهَا كُلّ وَقْت
وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي الثِّمَار إِلَّا أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَاشِيَة قَلِيل جِدًّا فَإِنَّهُ لَا يَحْتَاج أَنْ يَقُوم عَلَى الشَّجَر كُلّ يَوْم فَمُؤْنَتهَا أَقَلّ مِنْ مُؤْنَة الْمَاشِيَة بِكَثِيرٍ
فَهِيَ بِالْمُبَاحَاتِ أَشْبَه مِنْ أَلْبَان الْمَوَاشِي إِلَّا إِنَّ اِخْتِصَاص أَرْبَابهَا بِأَرْضِهَا وَشَجَرهَا أَخْرَجَهَا عَنْ حُكْم الْمُبَاحَات الْمُشْتَرَكَة الَّتِي يَسُوغ أَكْلهَا وَنَقْلهَا فَعُمِلَ الشَّبَه فِي الْأَكْل الَّذِي لَا يُجْحِف الْمَالِك دُون النَّقْل الْمُضِرّ لَهُ
فَهَذِهِ الْفُرُوق إِنْ صَحَّتْ بَطَلَ إِلْحَاق الثِّمَار بِهَا فِي الْمَنْع
وَكَانَ الْمَصِير إِلَى حَدِيث الْمَنْع فِي اللَّبَن أَوْلَى وَإِنْ كَانَتْ غَيْر مُؤَثِّرَة وَلَا فَرْق بَيْن الْبَابَيْنِ كَانَتْ الْإِبَاحَة شاملة لهما
وحينئذ فيكون فحديث النَّهْي مُتَنَاوِلًا لِلْمُحْتَلِبِ غَيْر الشَّارِب
بَلْ مُحْتَلِبه كَالْمُتَّخِذِ خُبْنَة مِنْ الثِّمَار
وَحَدِيث الْإِبَاحَة مُتَنَاوِل لِلْمُحْتَلِبِ الشَّارِب فَقَطْ دُون غَيْره
وَيَدُلّ عَلَى هَذَا التَّفْرِيق قَوْله فِي حَدِيث سَمُرَة فَلْيَحْتَلِبْ وَلْيَشْرَبْ وَلَا يَحْمِل فَلَوْ اِحْتَلَبَ لِلْحَمْلِ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ
فَهَذَا هُوَ الِاحْتِلَاب الْمَنْهِيّ عَنْهُ في حديث بن عُمَر
وَاَللَّه أَعْلَم
وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ فِي حَدِيث الْمَنْع مَا يُشْعِر بِأَنَّ النَّهْي إِنَّمَا هُوَ عَنْ نَقْل اللَّبَن دُون شُرْبه
فَإِنَّهُ قَالَ أَيُحِبُّ أَحَدكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَته فيكسر باب خزانته فَيُنْتَثَل طَعَامه
وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى الْجَوَاز حَدِيث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي سُئِلَ عَنْ التَّمْر الْمُعَلَّق فَقَالَ مَنْ أَصَابَ مِنْهُ مِنْ ذِي حَاجَة غَيْر مُتَّخِذ خُبْنَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ رِوَايَة مُحَمَّد بْن عَجْلَان عَنْ عَمْرو وَمُحَمَّد بْن عَجْلَان اِحْتَجَّ بِهِ مُسْلِم
وَالْحَدِيث حَسَن أَخْرَجَهُ أَهْل السُّنَن
فَإِنْ قِيلَ
فَهَذَا دَلِيل عَلَى جَوَاز أَكْل الْمُحْتَاج وَنَحْنُ نَقُول لَهُ أَنْ يَأْكُل عِنْد الضَّرُورَة وَعَلَيْهِ الْقِيمَة وَقَوْله
لَا شَيْء عَلَيْهِ هُوَ نَفْي لِلْعُقُوبَةِ لَا لِلْغُرْمِ
فَالْجَوَاب أَنَّ هَذَا الْحَدِيث رُوِيَ بِوَجْهَيْنِ أَحَدهمَا وَإِنْ أَكَلَ بِفِيهِ وَلَمْ يَأْخُذ فَيَتَّخِذ خُبْنَة فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْء
وَهَذَا صَرِيح فِي أَنَّ الْأَكْل لَا شَيْء عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَجِب الضَّمَان عَلَى مَنْ اِتَّخَذَ خُبْنَة
وَلِهَذَا جَعَلَهُمَا قِسْمَيْنِ
وَاللَّفْظ الثَّانِي قَوْله وَمَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَة غَيْر مُتَّخِذ خُبْنَة فَلَا شَيْء عَلَيْهِ وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَة مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَة
وَهَذَا صَرِيح فِي أَنَّ الْأَكْل مِنْهُ لِحَاجَةٍ لَا شَيْء عَلَيْهِ وَأَنَّ الضَّمَان إِنَّمَا يَجِب عَلَى الْمُخْرِج مِنْهُ غَيْر