[٣٢٩١] (حدثنا بن السرح) قال الحافظ المزي حديث بن السرح في رواية بن العبد وبن دَاسَةَ عَنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَبُو الْقَاسِمِ انْتَهَى (فِي هَذَا الْحَدِيثِ) أَيْ حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ (حَدَّثَ أَبُو سَلَمَةَ) وَلَمْ يَقُلِ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بَلْ إِنَّمَا رَوَى خَبَرُهُ عَلَى سَبِيلِ الْحِكَايَةِ مِنْ غَيْرِ سَمَاعٍ مِنْهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ (فَدَلَّ ذَلِكَ) الْقَوْلُ الْمُشْعِرُ بِالتَّدْلِيسِ (لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ) لَكِنْ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ هَارُونَ بْنِ مُوسَى الْفَرَوِيِّ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ عَنْ يونس عن بن شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أن رسول الله قَالَ لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهَا كَفَّارَةُ اليمين (وقال أحمد بن محمد) المروزي شيخ الْمُؤَلِّفِ (وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ) أَيْ تَدْلِيسُ الزُّهْرِيِّ فِي هذا الحديث (ما حدثنا أيوب يعني بن سُلَيْمَانَ) وَسَيَأْتِي حَدِيثُهُ بِتَمَامِهِ (أَفْسَدُوا عَلَيْنَا هَذَا الحديث)
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَمِمَّا يَدُلّ عَلَى أَنَّ النَّذْر آكَد مِنْ الْيَمِين
أَنَّ النَّاذِر إِذَا قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَفْعَل كَذَا فَقَدْ عَقَدَ نَذْره بِجَزْمِهِ أَيْمَانه بِاَللَّهِ وَالْتِزَامه تَعْظِيمه كَمَا عَقَدَهَا الْحَالِف بِاَللَّهِ كَذَلِكَ فَهُمَا مِنْ هَذِهِ الْوُجُوه سَوَاء وَالْمَعْنَى الَّذِي يَقْصِدهُ الْحَالِف وَيَقُوم بِقَلْبِهِ هُوَ بِعَيْنِهِ مَقْصُود لِلنَّاذِرِ قَائِم بِقَلْبِهِ وَيَزِيد النَّذْر عَلَيْهِ أَنَّهُ اِلْتَزَمَهُ لِلَّهِ فَهُوَ مُلْتَزِم مِنْ وَجْهَيْنِ لَهُ وَبِهِ
وَالْحَالِف إِنَّمَا اِلْتَزَمَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ خَاصَّة فَالْمَعْنَى الَّذِي فِي الْيَمِين دَاخِل فِي حَقِيقَة النَّذْر فَقَدْ تَضَمَّنَ النَّذْرُ الْيَمِين وَزِيَادَة فَإِذَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَة فِي يَمِين الْمَعْصِيَة فَهِيَ أَوْلَى بِأَنْ تَجِب فِي نَذْرهَا
وَلِأَجْلِ هَذِهِ الْقُوَّة وَالتَّأْكِيد قَالَ بَعْض الْمُوجِبِينَ لِلْكَفَّارَةِ فِيهِ إِنَّهُ إِذَا نَذَرَ الْمَعْصِيَة لَمْ يَبْرَأ بِفِعْلِهَا بَلْ تَجِب عَلَيْهِ الْكَفَّارَة عَيْنًا وَلَوْ فَعَلَهَا لِقُوَّةِ النَّذْر بِخِلَافِ مَا إِذَا حَلَفَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ إِنَّمَا تَلْزَمهُ الْكَفَّارَة إِذَا حَنِثَ لِأَنَّ الْيَمِين أَخَفّ مِنْ النَّذْر
وَهَذَا أَحَد الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِ أَحْمَد وَتَوْجِيهه ظَاهِر جِدًّا فَإِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاهُ عَنْ الْوَفَاء بِالْمَعْصِيَةِ وَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْكَفَّارَة عَيْنًا فلا يخرج من عهدة الأمر إلا بأدائها
وبالله التوفيق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute