للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

علم أنه لا يجوز

وقال بن الْمُنْذِر قَدْ جَاءَتْ الْأَخْبَار عَنْ رَافِع بِعِلَلٍ تَدُلّ عَلَى أَنَّ النَّهْي كَانَ لِتِلْكَ الْعِلَل

فَلَا تَعَارُض إِذَنْ بَيْن حَدِيث رَافِع وَأَحَادِيث الْجَوَاز بِوَجْهٍ

السَّادِس أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ مُعَارَضَة حَدِيث رَافِع لِأَحَادِيث الْجَوَاز وَامْتَنَعَ الْجَمْع بَيْنهَا لَكَانَ مَنْسُوخًا قَطْعًا بِلَا رَيْب لِأَنَّهُ لَا بُدّ مِنْ نَسْخ أَحَد الْخَبَرَيْنِ وَيَسْتَحِيل نَسْخ أَحَادِيث الْجَوَاز لِاسْتِمْرَارِ الْعَمَل بِهَا مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَاسْتِمْرَار عَمَل الْخُلَفَاء الرَّاشِدِينَ بِهَا وَهَذَا أَمْر مَعْلُوم عِنْد مَنْ لَهُ خِبْرَة بِالنَّقْلِ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْره فَيَتَعَيَّن نَسْخ حَدِيث رَافِع

السَّابِع أَنَّ الْأَحَادِيث إِذَا اِخْتَلَفَتْ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ يُنْظَر إِلَى مَا عَمِلَ بِهِ أَصْحَابه مِنْ بَعْده وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْر عَمَل الْخُلَفَاء الرَّاشِدِينَ وَأَهْلِيهِمْ وَغَيْرهمْ مِنْ الصَّحَابَة بِالْمُزَارَعَةِ

الثَّامِن أَنَّ الَّذِي فِي حَدِيث رَافِع إِنَّمَا هُوَ النَّهْي عَنْ كِرَائِهَا بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبُع لَا عَنْ الْمُزَارَعَة وَلَيْسَ هَذَا بِمُخَالِفٍ لِجَوَازِ الْمُزَارَعَة فَإِنَّ الْإِجَارَة شَيْء وَالْمُزَارَعَة شَيْء فَالْمُزَارَعَة مِنْ جِنْس الشَّرِكَة يَسْتَوِيَانِ فِي الْغُنْم وَالْغُرْم فَهِيَ كَالْمُضَارَبَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَة فَإِنَّ الْمُؤَجِّر عَلَى يَقِين مِنْ الْمَغْنَم وَهُوَ الْأُجْرَة وَالْمُسْتَأْجِر عَلَى رَجَاء وَلِهَذَا كَانَ أَحَد الْقَوْلَيْنِ لِمُجَوِّزِي الْمُزَارَعَة أَنَّهَا أَحَلّ مِنْ الْإِجَارَة وَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُمَا عَلَى سَوَاء فِي الغنم وَالْغُرْم فَهِيَ أَقْرَب إِلَى الْعَدْل فَإِذَا اِسْتَأْجَرَهَا بِثُلُثٍ أَوْ رُبُع كَانَتْ هَذِهِ إِجَارَة لَازِمَة وَذَلِكَ لَا يَجُوز وَلَكِنْ الْمَنْصُوص عَنْ الْإِمَام أَحْمَد جَوَاز ذَلِكَ

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابه عَلَى ثَلَاثَة أَقْوَال فِي نَصّه

فَقَالَتْ طَائِفَة يَصِحّ ذَلِكَ بِلَفْظِ الْمُؤَاجَرَة وَيَكُون مُزَارَعَة فَيَصِحّ بِلَفْظِ الْإِجَارَة كَمَا يَصِحّ بِلَفْظِ الْمُزَارَعَة

قَالُوا وَالْعِبْرَة فِي الْعُقُود بِمَعَانِيهَا وَحَقَائِقهَا لَا بِصِيَغِهَا وَأَلْفَاظهَا

قَالُوا فَتَصِحّ مزارعة وَلَا تُصْبِح إِجَارَة وَهَذِهِ طَرِيقَة الشَّيْخ أَبِي مُحَمَّد الْمَقْدِسِيِّ

الثَّانِي أَنَّهَا لَا تَصِحّ إِجَارَة وَلَا مزارعة

أَمَّا الْإِجَارَة فَلِأَنَّ مِنْ شَرْطهَا كَوْن الْعِوَض فِيهَا مَعْلُومًا مُتَمَيِّزًا مَعْرُوف الْجِنْس وَالْقَدْر وَهَذَا مُنْتَفٍ فِي الثُّلُث وَالرُّبُع

وأما المزارعة فلأنهما لم يعقدا عقدا مُزَارَعَة

إِنَّمَا عَقَدَا عَقْد إِجَارَة وَهَذِهِ طَرِيقَة أَبِي الْخَطَّاب

الثَّالِث أَنَّهَا تَصِحّ مُؤَاجَرَة وَمُزَارَعَة وَهِيَ طَرِيقَة الْقَاضِي وَأَكْثَر أَصْحَابه

فَحَدِيث رَافِع إِمَّا أَنْ يَكُون النَّهْي فِيهِ عَنْ الْإِجَارَة دُون الْمُزَارَعَة أَوْ عَنْ الْمُزَارَعَة الَّتِي كَانُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>