للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

صَرِيحًا بَلْ تَشْبِيه وَقِيَاس عَلَى مَعْنَى الْحَدِيث وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ تَفْسِير فَلَيْسَ بِمُطَابِقٍ لِمَقْصُودِ الْحَدِيث كَمَا تَقَدَّمَ

وَأَمَّا تَفْسِير الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّد فَمِنْ أَبْعَد مَا قِيلَ فِي الْحَدِيث وَأَفْسَده

فَإِنَّ شَرْط مَا يَقْتَضِيه الْعَقْد أَوْ مَا هُوَ مِنْ مَصْلَحَته كَالرَّهْنِ وَالتَّأْجِيل وَالضَّمِين وَنَقْد كَذَا جَائِز بِلَا خِلَاف تَعَدَّدَتْ الشُّرُوط أَوْ اِتَّحَدَتْ

فَإِذَا تَبَيَّنَ هَذِهِ الْأَقْوَال فَالْأَوْلَى تفسير كلام النبي بَعْضه بِبَعْضٍ

فَنُفَسِّر كَلَامه بِكَلَامِهِ

فَنَقُول نَظِير هذا نهيه عَنْ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَة وَعَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَة

فَرَوَى سِمَاك عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود عَنْ أَبِيهِ قَالَ نهى رسول الله عَنْ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَة

وَفِي السُّنَن عَنْ أبي هريرة عن النبي من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أَوْ الرِّبَا

وَقَدْ فُسِّرَتْ الْبَيْعَتَانِ فِي الْبَيْعَة بِأَنْ يَقُول أَبِيعك بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ بِعِشْرِينَ وَنَسِيئَة هَذَا بَعِيد مِنْ مَعْنَى الْحَدِيث مِنْ وَجْهَيْنِ

أَحَدهمَا أَنَّهُ لَا يُدْخِل الرِّبَا فِي هَذَا الْعَقْد

الثَّانِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَفْقَتَيْنِ إِنَّمَا هُوَ صَفْقَة وَاحِدَة بِأَحَدِ الثَّمَنَيْنِ

وَقَدْ رَدَّدَهُ بَيْن الْأَوَّلِيَّيْنِ أَوْ الرِّبَا

وَمَعْلُوم أَنَّهُ إِذَا أُخِذَ بِالثَّمَنِ الْأَزْيَد فِي هَذَا الْعَقْد لَمْ يَكُنْ رِبًا

فَلَيْسَ هَذَا مَعْنَى الْحَدِيث

وَفُسِّرَ بِأَنْ يَقُول خُذْ هَذِهِ السِّلْعَة بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَآخُذهَا مِنْك بِعِشْرِينَ نَسِيئَة وَهِيَ مَسْأَلَة الْعِينَة بِعَيْنِهَا

وَهَذَا هُوَ الْمَعْنَى الْمُطَابِق لِلْحَدِيثِ

فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ مَقْصُوده الدَّرَاهِم الْعَاجِلَة بِالْآجِلَةِ فَهُوَ لَا يَسْتَحِقّ إِلَّا رَأْس مَاله وَهُوَ أَوَكْس الثَّمَنَيْنِ فَإِنْ أَخَذَهُ أَخَذَ أَوَكْسهمَا وَإِنْ أَخَذَ الثَّمَن الْأَكْثَر فَقَدْ أَخَذَ الرِّبَا

فَلَا مَحِيد لَهُ عَنْ أَوَكْس الثَّمَنَيْنِ أَوْ الرِّبَا

وَلَا يَحْتَمِل الْحَدِيث غَيْر هَذَا الْمَعْنَى وَهَذَا هُوَ بِعَيْنِهِ الشَّرْطَانِ فِي بَيْعٍ

فَإِنَّ الشَّرْط يُطْلَق عَلَى الْعَقْد نَفْسه

لِأَنَّهُمَا تَشَارَطَا عَلَى الْوَفَاء بِهِ فَهُوَ مَشْرُوط وَالشَّرْط يُطْلَق عَلَى الْمَشْرُوط كَثِيرًا كَالضَّرْبِ يُطْلَق عَلَى الْمَضْرُوب وَالْحَلْق عَلَى الْمَحْلُوق وَالنَّسْخ عَلَى الْمَنْسُوخ

فَالشَّرْطَانِ كَالصَّفْقَتَيْنِ سَوَاء

فَشَرْطَانِ فِي بَيْع كَصَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَة وَإِذَا أَرَدْت أَنْ يَتَّضِح لَك هَذَا الْمَعْنَى فتأمل نهيه في حديث بن عُمَر عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَة وَعَنْ سَلَف وَبَيْع

رَوَاهُ أَحْمَد

وَنَهْيه فِي هَذَا الْحَدِيث عَنْ شَرْطَيْنِ فِي بَيْع وَعَنْ سَلَف فِي بَيْع فَجَمَعَ السَّلَف وَالْبَيْع مَعَ الشَّرْطَيْنِ فِي الْبَيْع وَمَعَ الْبَيْعَتَيْنِ فِي الْبَيْعَة

وَسِرّ ذَلِكَ أن كلا الأمرين يؤول إِلَى الرِّبَا وَهُوَ ذَرِيعَة إِلَيْهِ

أَمَّا الْبَيْعَتَانِ فِي بَيْعَة فَظَاهِر فَإِنَّهُ إِذَا بَاعَهُ السِّلْعَة إِلَى شَهْر ثُمَّ اِشْتَرَاهَا مِنْهُ بِمَا شَرَطَهُ لَهُ كَانَ قَدْ بَاعَ بِمَا شَرَطَهُ لَهُ بِعَشَرَةٍ نَسِيئَة

وَلِهَذَا الْمَعْنَى حَرَّمَ اللَّه وَرَسُوله الْعِينَة

وَأَمَّا السَّلَف وَالْبَيْع فَلِأَنَّهُ إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>