للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

وَالنَّهْي عَنْ رِبْح مَا لَمْ يُضْمَن قَدْ أَشْكَلَ عَلَى بَعْض الْفُقَهَاء عِلَّته وَهُوَ مِنْ مَحَاسِن الشَّرِيعَة

فَإِنَّهُ لَمْ يَتِمّ عَلَيْهِ اِسْتِيلَاء وَلَمْ تَنْقَطِع عُلَق الْبَائِع عَنْهُ فَهُوَ يَطْمَع فِي الْفَسْخ وَالِامْتِنَاع مِنْ الْإِقْبَاض إِذَا رَأَى الْمُشْتَرِي قَدْ رَبِحَ فِيهِ وَإِنْ أَقْبَضَهُ إِيَّاهُ فَإِنَّمَا يُقْبِضهُ عَلَى إِغْمَاض وَتَأَسُّف عَلَى فَوْت الرِّبْح فَنَفْسه مُتَعَلِّقَة بِهِ لَمْ يَنْقَطِع طَمَعهَا مِنْهُ

وَهَذَا مَعْلُوم بِالْمُشَاهَدَةِ

فَمِنْ كَمَالِ الشَّرِيعَة وَمَحَاسِنهَا النَّهْي عَنْ الرِّبْح فِيهِ حَتَّى يَسْتَقِرّ عَلَيْهِ وَيَكُون مِنْ ضَمَانه فَيَيْأَس الْبَائِع مِنْ الْفَسْخ وَتَنْقَطِع عُلَقه عَنْهُ

وَقَدْ نَصَّ أَحْمَد عَلَى ذَلِكَ فِي الِاعْتِيَاض عَنْ دَيْن الْقَرْض وَغَيْره أَنَّهُ إِنَّمَا يُعْتَاض عَنْهُ بِسِعْرِ يَوْمه لِئَلَّا يَرْبَح فِيمَا لَمْ يُضْمَنْ

فَإِنْ قِيلَ هَذَا يَنْتَقِض عَلَيْكُمْ بِمَسْأَلَتَيْنِ

إِحْدَاهُمَا بَيْع الثِّمَار بَعْد بُدُوّ صَلَاحهَا فَإِنَّكُمْ تُجَوِّزُونَ لِمُشْتَرِيهَا أَنْ يبيعها على رؤوس الْأَشْجَار وَأَنْ يَرْبَح فِيهَا وَلَوْ تَلِفَتْ بِجَائِحَةٍ لكانت من ضمان الْبَائِع فَيَلْزَمكُمْ أَحَد أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ تَمْنَعُوا بَيْعهَا

وَإِمَّا أَنْ لَا تَقُولُوا بِوَضْعِ الْجَوَائِح

كَمَا يَقُول الشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة

بَلْ تَكُون مِنْ ضَمَانه فَكَيْفَ تَجْمَعُونَ بَيْن هَذَا وَهَذَا الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة أَنَّكُمْ تُجَوِّزُونَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّر الْعَيْن الْمُسْتَأْجَرَة بِمِثْلِ الْأُجْرَة وَزِيَادَة مَعَ أَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ لَكَانَتْ مِنْ ضَمَان الْمُؤَجِّر فَهَذَا رِبْح مَا لَمْ يُضْمَنْ

قِيلَ النَّقْض الْوَارِد إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِمَسْأَلَةٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهَا أَوْ مُجْمَع عَلَى حُكْمهَا

وَهَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ غَيْر مَنْصُوص عَلَيْهِمَا وَلَا مُجْمَع عَلَى حُكْمهمَا فَلَا يَرُدَّانِ نَقْضًا

فَإِنَّ فِي جَوَاز بَيْع الْمُشْتَرِي مَا اِشْتَرَاهُ مِنْ الثِّمَار عَلَى الْأَشْجَار كَذَلِكَ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ عَنْ أَحْمَد

فَإِنْ مَنَعْنَا الْبَيْع بَطَلَ النَّقْض وَإِنْ جَوَّزْنَا الْبَيْع وَهُوَ الصَّحِيح فَلِأَنَّ الْحَاجَة تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ

فَإِنَّ الثِّمَار قَدْ لَا يُمْكِن بَيْعهَا إِلَّا كَذَلِكَ فَلَوْ مَنَعْنَاهُ مِنْ بَيْعهَا أَضْرَرْنَا بِهِ وَلَوْ جَعَلْنَاهَا مِنْ ضمانه إذا تلفت بجائحة أضررنا به أَيْضًا فَجَوَّزْنَا لَهُ بَيْعهَا لِأَنَّهَا فِي حُكْم الْمَقْبُوض بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنه وَبَيْنهَا وَجَعَلْنَاهَا مِنْ ضَمَان الْبَائِع بِالْجَائِحَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي حُكْم الْمَقْبُوض مِنْ جَمِيع الْوُجُوه وَلِهَذَا يَجِب عَلَيْهِ تَمَام التَّسْلِيم بِالْوَجْهِ الْمُحْتَاج إِلَيْهِ فَلَمَّا كَانَتْ مَقْبُوضَة مِنْ وَجْه غَيْر مَقْبُوضَة مِنْ وَجْه رَتَّبْنَا عَلَى الْوَجْهَيْنِ مُقْتَضَاهُمَا وَهَذَا مِنْ أَلْطَف الْفِقْه

وَأَمَّا مَسْأَلَة الْإِجَارَة فَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَة عَنْ أَحْمَد فِي جَوَاز إِجَارَة الرَّجُل مَا اِسْتَأْجَرَهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَلَاث رِوَايَات إِحْدَاهُنَّ الْمَنْع مُطْلَقًا لِئَلَّا يَرْبَح فِيمَا لَمْ يَضْمَن وَعَلَى هَذَا فَالنَّقْض مُنْدَفِع

وَالثَّانِيَة أَنَّهُ إِنْ جَدَّدَ فِيهَا عِمَارَة جَازَتْ الزِّيَادَة وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّ الزِّيَادَة لَا تَكُون رِبْحًا بَلْ هِيَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>