للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]

الْمُعْتَبَر فِي ذَلِكَ هُوَ الْقِيمَة دُون النَّظِير وَأَنْتُمْ لَمْ تَذْكُرُوا عَلَى ذَلِكَ دَلِيلًا مِنْ كِتَاب وَلَا سُنَّة وَلَا إِجْمَاع حَتَّى يَكُون قَضَاء الصَّحَابَة بِخِلَافِهِ عَلَى خِلَاف الْقِيَاس فَأَيْنَ الدَّلِيل قَالَ الْمَانِعُونَ الدَّلِيل عَلَى اِعْتِبَار الْقِيمَة فِي إِتْلَاف الْحَيَوَان دُون الْمِثْل أَنَّ النبي ضَمَّنَ مُعْتِق الشِّقْص إِذَا كَانَ مُوسِرًا بِقِيمَتِهِ وَلَمْ يُضَمِّنهُ نَصِيب الشَّرِيك بِمِثْلِهِ

فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَصْل هُوَ الْقِيمَة فِي غَيْر الْمَكِيل وَالْمَوْزُون

قَالَ الْمُجَوِّزُونَ هَذَا أَصْل مَا بَنَيْتُمْ عَلَيْهِ اِعْتِبَار الْقِيمَة فِي هَذِهِ الْمَسَائِل وَغَيْرهَا وَلَكِنَّهُ بِنَاء عَلَى غَيْر أَسَاس فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ فِي شَيْء فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَاب ضَمَان الْمُتْلَفَات بِالْقِيمَةِ بَلْ هُوَ مِنْ بَاب تَمَلُّك مَال الْغَيْر بِالْقِيمَةِ كَتَمَلُّكِ الشِّقْص الْمَشْفُوع بِثَمَنِهِ فَإِنَّ نَصِيب الشريك يقدر دُخُوله فِي مِلْك الْمُعْتَق ثُمَّ يَعْتِق عَلَيْهِ بَعْد ذَلِكَ وَالْقَائِلُونَ بِالسِّرَايَةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنْ يَعْتِق كُلّه عَلَى مِلْك الْمُعْتَق وَالْوَلَاء لَهُ دُون الشَّرِيك

وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَسْرِي الْعِتْق عَقِب إِعْتَاقه أَوْ لَا يَعْتِق حَتَّى يُؤَدِّي الثَّمَن عَلَى قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِي وَهُمَا فِي مَذْهَب أَحْمَد قَالَ شَيْخنَا وَالصَّحِيح أَنَّهُ لَا يَعْتِق إِلَّا بِالْأَدَاةِ

وَعَلَى هَذَا يَنْبَنِي مَا إِذَا أَعْتَقَ الشَّرِيك نَصِيبه بَعْد عِتْق الْأَوَّل وَقَبْل وَزْن الْقِيمَة فَعَلَى الْأَوَّل لَا يَعْتِق عَلَيْهِ وَعَلَى الثَّانِي يَعْتِق عَلَيْهِ وَيَكُون الْوَلَاء بَيْنهمَا

وَعَلَى هَذَا أَيْضًا يَنْبَنِي مَا إِذَا قَالَ أَحَدهمَا إِذَا أَعْتَقْت نَصِيبك فَنَصِيبِي حُرّ فَعَلَى الْقَوْل الْأَوَّل لَا يَصِحّ هَذَا التَّعْلِيق وَيَعْتِق كُلّه فِي مَال الْمُعْتَق

وَعَلَى الْقَوْل الثَّانِي يَصِحّ التَّعْلِيق وَيَعْتِق نَصِيب الشَّرِيك مِنْ مَاله

فَظَهَرَ أَنَّ اِسْتِدْلَالكُمْ بِالْعِتْقِ اِسْتِدْلَال بَاطِل بَلْ إِنَّمَا يَكُون إِتْلَافًا إِذَا قَتَلَهُ فَلَوْ ثَبَتَ لَكُمْ بِالنَّصِّ أَنَّهُ ضَمَّنَ قَاتِل الْعَبْد بِالْقِيمَةِ دُون الْمِثْل كَانَ حُجَّة وَأَنَّى لَكُمْ بِذَلِكَ

قَالُوا وَأَيْضًا فَالْفَرْق وَاضِح بَيْن أَنْ يَكُون الْمُتْلَف عَيْنًا كَامِلَة أَوْ بَعْض عَيْن

فَلَوْ سَلَّمْنَا أَنَّ التَّضْمِين كَانَ تَضْمِين إِتْلَاف لَمْ يَجِب مِثْله فِي الْعَيْن الْكَامِلَة

وَالْفَرْق بَيْنهمَا أَنَّ حَقّ الشَّرِيك فِي الْعَيْن الَّتِي لَا يُمْكِن قِسْمَتهَا فِي نِصْف الْقِيمَة مَثَلًا أَوْ ثُلُثهَا فَالْوَاجِب لَهُ مِنْ الْقِيمَة بِنِسْبَةِ مِلْكه وَلِهَذَا يُجْبَر شَرِيكه عَلَى الْبَيْع إِذَا طَلَبَهُ لِيَتَوَصَّل إلى حقه من القيمة والنبي رَاعَى ذَلِكَ وَقَوَّمَ عَلَيْهِ الْعَبْد قِيمَة كَامِلَة ثُمَّ أَعْطَاهُ حَقّه مِنْ الْقِيمَة وَلَمْ يُقَوِّم عَلَيْهِ الشِّقْص وَحْده فَيُعْطِيه قِيمَته

فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حَقّ الشَّرِيك فِي نِصْف الْقِيمَة

فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَوْ ضَمَّنَّا الْمُعْتَق نَصِيب الشَّرِيك بِمِثْلِهِ مِنْ عَبْد آخَر لَمْ نُجْبِرهُ عَلَى الْبَيْع إِذَا طَلَبَهُ شَرِيكه لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقّ فِي الْقِيمَة بَلْ حَقّه فِي نَفْس الْعَيْن فَحَقّه بَاقٍ مِنْهَا

قَالُوا فَظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَكُمْ أَصْل تَقِيسُونَ عَلَيْهِ لَا مِنْ كِتَاب وَلَا سُنَّة وَلَا إِجْمَاع

وقد ثبت في الصحيح أن النبي اِقْتَرَضَ بَكْرًا وَقَضَى خَيْرًا مِنْهُ وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ يُجَوِّز قَرْض الْحَيَوَان مَعَ أَنَّ الْوَاجِب فِي الْقَرْض رَدّ الْمِثْل وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْحَيَوَان مِثْلِيّ

<<  <  ج: ص:  >  >>