هل يوجد ما يدل على انتصار المسلمين على عدوهم وهم من أهل المعاصي كما هو الآن؟
الجواب
نعم.
قد ينصرون وإن كان في الذنوب خطر عليهم، وإلا قد ينصرون لأنهم خير من أولئك، المسلم على المعصية خير من الكافر؛ لأن معه الإسلام الذي هو سبب النجاة، والمعاصي من أعظم الأسباب في دخول النار ولكن ليست مثل الكفر، فالعصاة قد ينصرون لأنهم أهون من أولئك، وقد يخذلون بأسباب ذنوبهم، فقد جرى على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ما هو معلوم وهو أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، ومعه المجاهدون، ومعه أولياء الله من الصحابة وهم أفضل الناس بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلما عصى أصحاب الجبل -الرماة- وتأولوا وتركوا الموقف دخل المشركون على المسلمين من ورائهم وصارت الهزيمة، وقتل المسلمون وقال الله جل وعلا:{وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ}[آل عمران:١٥٢] أي: تقتلونهم، كانت الدائرة في أول الأمر على الكفار قال الله:{حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ}[آل عمران:١٥٢] أي: سلطوا عليكم، وقال في الآية الأخرى:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ}[آل عمران:١٦٥] أي: أصابتكم أنفسكم، من الذنوب والسيئات والمعاصي؛ لأن الرماة تنازعوا وفشلوا، ثم تأولوا وتركوا الموقف وعصوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وظنوا أنها فيصلة لما رأوا انكشاف الكفار، وأنهم قد انتهوا فجاءوا ليحوزوا الغنائم والرسول عليه الصلاة والسلام قد قال لهم:(لا تبرحوا مكانكم أبداً ولو رأيتمونا نصرنا ولو رأيتم العدو قد انكشف) وأميرهم قال لهم كذلك، ولكنهم تنازعوا ثم أجمعوا أمرهم على ترك المكان وظنوا أن العدو قد انتهى، فإذا كانت المعصية مع التأويل تضر المجاهدين وتسبب الهزيمة، فكيف بالمعصية المتعمدة التي ليس فيها تأويل، وهذه من أعظم أسباب الهزيمة، وكان عمر يكتب إلى جيوشه في بلاد الروم وغيرها كبلاد فارس ويأمرهم بتقوى الله ويحذرهم من الذنوب، ويقول:[إن أخشى ما أخشى عليكم ذنوبكم فإنها جندٌ عليكم، وإنكم لن تغلبوا من قلة، وإني أخشى عليكم الذنوب والمعاصي] فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه هزموا أمام العدو بسبب معصية بعضهم فكيف بحال غيرهم.