الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اتبع هداه.
في يوم الخميس السابع والعشرين من شهر المحرم من عام عشرين وأربعمائة وألف فزعت الأمة الإسلامية بفقد شيخ الإسلام إمام أهل السنة والجماعة العلامة الفقيه الحجة عبد العزيز بن عبد الله بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء حتى وفاته.
كانت وفاة الشيخ الجليل خطباً عظيماً ومصاباً جللاً، فقد توقفت الكلمات، وتحدثت العبرات، وأخبرت الدموع بهول الفاجعة وعِظم المصيبة، لقد انهد جبل من الدين، وحدثت ثلمة عظيمة، نسأل الله أن يجبر مصاب الأمة فيها ويعوضها خيراً، وليس لنا إلا أن نقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإنا لله وإنا إليه راجعون! ولد الشيخ الفقيد في أسرة علم وفضل عام (١٣٣٠هـ) وحفظ القرآن الكريم قبل سن البلوغ، ودرس علوم الشريعة وتمكن منها، فقد بصره عام (١٣٥٠هـ) وقد منحه الله بصيرة نافذة وحباً للعلم ومجالسة العلماء، ولازم عدداً منهم على رأسهم سماحة الشيخ العلامة مفتي الديار السعودية في زمانه/ محمد بن إبراهيم آل الشيخ لمدة عشر سنوات، وفي عام (١٣٥٧هـ) تولى القضاء في الدلم وقضى فيها أكثر من أربعة عشر عاماً، ولدى افتتاح المعهد العلمي بـ الرياض درَّس فيه سنة واحدة، ثم درَّس في كلية الشريعة منذ إنشائها عام (١٣٧٣هـ) حتى عام (١٣٨١هـ) حيث أصبح نائباً لرئيس الجامعة الإسلامية بـ المدينة النبوية، ثم رئيساً لها منذ عام (١٣٩٠هـ) حتى عام (١٣٩٥هـ) وبعد ذلك عاد إلى الرياض بعد أن صدر الأمر الملكي بتعيينه في منصب الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ثم صدر الأمر الملكي بتعيينه مفتياً عاماً للمملكة العربية السعودية عام (١٤١٤هـ) .
لقد ترك فقد سماحة الشيخ الوالد عبد العزيز بن باز رحمه الله فراغاً كبيراً وأثّر تأثيراً عظيماً على أحبابه وطلابه وأعيان الناس وعامتهم، صلى عليه مئات الألوف من المصلين حاضراً في المسجد الحرام يوم الجمعة الثامن والعشرين من شهر المحرم وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله وأعز بهم الملة وزادهم شرفاً وتوفيقاً، ومعهم عدد كبير من الأمراء والعلماء والأعيان وعموم المسلمين، وصلى عليه المصلون صلاة الغائب في جميع جوامع المملكة العربية السعودية وعدد كبير من المساجد داخل العالم الإسلامي وخارجه.
لقد كان الشيخ العلامة الفقيه صاحب منهج سديد وعقل رشيد، ولسان عفيف، وقلب سليم من الأحقاد والأطماع الزائفة، ولا نزكيه على الله، ولكن هكذا نحسبه يرحمه الله رحمة واسعة، لقد قضى ما يقرب من تسعين عاماً في التعليم والتعلم والدعوة والجهاد والنصح والتوجيه وخدمة المسلمين وقضاء حوائجهم وتبيين الحق لهم.
رحم الله فقيد الأمة الإسلامية، ورفع درجته في المهديين، وأسكنه الفردوس الأعلى إنه سميع مجيب.
ويسرنا أن تكون حلقتنا لهذا اليوم من برنامج دين ودنيا مخصصة بالحديث عن سماحته رحمه الله، ويسرنا أن يكون معنا في هذه الحلقة معالي الشيخ الدكتور/ عبد الله بن عبد المحسن التركي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، ثم نتحدث بعد ذلك مع ضيفين كريمين آخرين سيأتيان إلى الإستديو بإذن الله جل وعلا.
نبدأ بحديثنا مع فضيلة الشيخ عبد الله التركي، ونشكر لكم تفضلكم في المجيء هذا اليوم للحديث عن سماحة الفقيد رحمه الله.
لعلنا نبدأ -فضيلة الشيخ- بالحديث عن ذكرياتكم الخاصة مع سماحة فقيد الأمة الإسلامية رحمه الله!