للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[توجيه إلى الأئمة الذين يتركون مساجدهم في رمضان لأجل العمرة]

السؤال

كثير من الأئمة يتركون مساجدهم ويذهبون إلى مكة في شهر رمضان المبارك، أو يسرع في قراءة القرآن ويختم قبل انتهاء الشهر، ويذهب قبل ليلة سبع وعشرين، فهل يجوز ذلك؟

الجواب

هذا فيه تفصيل الإمام الذي جماعته يرغبون في قراءته وهو يفيدهم بعلمه وفضله، وحسن تلاوته، فينبغي له ألا يهملهم، وإذا أراد العمرة ذهب لها يوماً أو يومين ورجع، حتى يجمع بين المصالح، ويصلي بهم ويذكرهم ويعلمهم، أما الإمام الذي قد يجد من هو أفضل منه، أو من يقوم مقامه ويكون مثله، فلا حرج، إذا وجد نائباً يقوم مقامه قد يكون مثله أو أفضل منه فلا بأس في ذلك، فليذهب وليستفد، وذلك إذا قام مقامه من هو أفضل منه في الوعظ والتذكير والصلاة والقراءة ونحو ذلك، فالمسألة مسألة ترجيح المصالح.

فالإمام ينظر ويتأمل، فإن كان هناك من يقوم مقامه وقد يكون أفضل منه في العلم والعمل فلا بأس، وإذا كان يصلي بجماعته، وينفعهم ويعينهم على طاعة الله، ويذكرهم بالله، فهذا أفضل من ذهابه إلى هناك؛ لأن هذا نفعه متعدٍ، وذهابه إلى مكة لنفع نفسه، لكنه هنا في مسجده يدعو إلى الله، ويعلم ويرشد، ويعينهم على طاعة الله، هذه أنواع من النفع المتعدية، ولا مانع من العمرة، إن كان القصد العمرة، فبالإمكان أن يذهب يوماً أو يومين يأخذ العمرة ويرجع، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (العمرة في رمضان تعدل حجة) ، وهذا الشهر الكريم شهر رمضان، شهر عظيم، تضاعف فيه الأعمال الصالحة، فينبغي للمؤمن أن يكون له الحظ من الاجتهاد في رمضان في أعمال الخير؛ لأنه شهر تضاعف فيه الحسنات، وترفع فيه الدرجات، وتكفر فيه السيئات، وتفتح فيه أبواب السماء وأبواب الرحمة وأبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب النار، فهو شهر عظيم ينبغي فيه المنافسة على الخيرات، والمسارعة في أنواع الطاعات في كل مكان، في بلده وغير بلده، فإذا تيسرت العمرة في رمضان، أو جلس هناك في رمضان في المسجد الحرام لمضاعفة الصلاة ومضاعفة الأعمال الصالحة، ولا يترتب على ذهابه إلى هناك تركه لما هو أهم فلا بأس، أما إذا كان يترك ما هو أهم في بلده، من صلاته بجماعته وتعليمه لهم، وإعانته إياهم، أو ما يتعلق به من أمر بمعروف أو نهي عن منكر، ونفع الناس، ويروح ويذهب هناك كواحد من الناس يصلي، فجلوسه في بلده لينفع النفع العام أولى من ذهابه إلى هناك ليصلي مع الناس في الحرم الشريف؛ لأن هذا النفع متعدٍ، والعمرة التي يريدها يمكن أن يأتي بها في وقت قصير في يوم أو يومين.

والمقصود بمناسبة هذا الشهر الكريم وقربه، ينبغي للمؤمن أن يسأل الله عز وجل أن يبلغه إياه، وأن يبلغه صيامه وقيامه إيماناً واحتساباً، وينبغي لكل مؤمن ومؤمنة في هذا الشهر الكريم -إذا بلغنا الله وإياكم إياه- الاجتهاد فيه، وبذل الوسع في أنواع الخير وأنواع الطاعات؛ لأنه شهر عظيم، وهو سيد الشهور، ينبغي فيه الاستكثار من الحسنات، والأعمال الصالحات، والحذر من السيئات.

ومزيداً على ما تقدم كل وقت ينبغي فيه الاستكثار من الحسنات، وينبغي فيه بل يجب فيه ترك السيئات، لكن في رمضان ينبغي للمؤمن أن يضاعف الجهود في طاعة الله، والاستكثار من الحسنات، وأن يحذر غاية الحذر من الإكثار من السيئات، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

<<  <  ج: ص:  >  >>