الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعين) .
هذا الحديث العظيم يدل على وجوب متابعة المأموم للإمام، وأنه ليس لهم أن يسابقوه ولا أن يوافقوه، بل عليهم أن يتابعوه، فلا مسابقة ولا موافقة، ولكن بالمتابعة المتصلة، فإذا انتهى من التكبير كبروا، وإذا استوى راكعاً ركعوا، وإذا استوى قائماً قاموا وهكذا لا يسابقونه ولا يوافقونه، ولا يشرعون في الركن إلا بعد إنهائه إياه، واستقامته فيه، ولا يكبرون حتى ينقطع صوته، هكذا أمر عليه الصلاة والسلام، وقال:(إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود، ولا بالقيام، ولا بالانصراف للسلام) ولكن يتابع الإمام، فإذا كبر وانقطع صوته كبر المأموم، وإذا استوى راكعاً وانقطع صوته ركع المأموم، وإذا رفع وانقطع صوته رفع، وإذا سجد وانقطع صوته سجد، وهكذا إذا سلم سلم بعده.
هذا هو الواجب على المأموم مع إمامه، مع العناية بالطمأنينة والخشوع وعدم العجلة، فلا مسابقة ولا عجلة، ولكن يطمئن في صلاته ويخشع فيها لله ولا يسابق إمامه، فالطمأنينة أمر لازم، وفريضة في جميع الصلوات الفرض والنفل، الإمام والمأموم والمنفرد، يجب على الجميع أن يؤدوا الصلاة في غاية من الطمأنينة وعدم العجلة، قال تعالى:{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[المؤمنون:١-٢] .
ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً لا يتم صلاته، ولا يتم ركوعها ولا سجودها أمره بالإعادة، وقال:(ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ) ثم علمه كيف يصلي، وهكذا المأموم مع الإمام ليس له مسابقة ولا موافقة، ولكن يطمئن ولا يعجل، ثم يتابع إمامه في ركوعه وسجوده وقيامه وقعوده، متحرياً انقطاع صوته، وانتقاله من ركن إلى ركن ثم يتابع، فلا مسابقة لا في التكبير ولا في غيره ولا موافقة.
رزق الله الجميع التوفيق والهداية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.