وأهل الجنة فيها منعمون أبد الآباد، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون، بل في نعيم دائم وخير دائم، وهذا الطعام والشراب يصير جشاء ورشحاً، لا بولاً ولا غائطاً ولا مخاطاً ولا بصاقاً، وأهل النار في عذاب وبلاء أبد الآباد، نسأل الله العافية، قال تعالى:{يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ}[المائدة:٣٧] ، وقال عز وجل:{كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}[البقرة:١٦٧] ، وقال تعالى:{وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}[محمد:١٥] .
هذه نهاية الناس، فجدير بالعاقل أن تكون هذه النهاية على باله، وألا يغفلها، فلا بد منها، ومن مات فقد قامت قيامته، فليحذر العبد أن يغفل وأن يجازف في هذه الأمور؛ فيندم غاية الندامة، فليعد لهذا اليوم عدته، وليحرص قبل أن يفاجئه الأجل.
هذه العدة الصالحة والزاد الصالح من طاعة الله ورسوله، والقيام بحقه، والاستقامة على دينه، وذلك بامتثال أوامر الله وترك نواهيه، فالعدة الصالحة أن تستقيم على دين الله، وأن توحد ربك وتخصه بالعبادة، وأن تؤدي فرائضه، من صلاة وغيرها، وأن تنتهي عن نواهيه، وأن تقف عند حدوده، ترجو ثوابه وتخشى عقابه، فهذه هي العدة الصحيحة التي أنت مأمور بها ومخلوق لها، وهي: أن تعبد ربك وحده وتشهد أنه لا إله إلا الله، وأنه لا معبود بحق إلا الله، وأن محمداً عبد الله ورسوله، وتؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، وتؤدي فرائض الله التي فرضها عليك بإخلاص له سبحانه، ورغبة فيما عنده ومحبة، وتنتهي عن نواهي الله عن إيمان وصدق وإخلاص، وتقف عند حدود الله مؤمناً بالله ورسله، مؤمناً بأن الله قدر الأقدار وشاء ما شاء سبحانه وتعالى، فعليك أن تؤمن بالقدر خيره وشره، وأن تعلم أن الله علم الأشياء وكتبها، وأنه الخالق لكل شيء، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.