ثم أوصي الجميع بالتناصح والتواصي بالحق والتآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر، في البيت في الطريق في السيارة في القطار في الطائرة في كل مكان، الرجال والنساء جميعاً، يقول الله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}[التحريم:٦] هذا أمره سبحانه لجميع الناس، للشيب والشباب، للرجال والنساء:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}[التحريم:٦] الوقاية بماذا؟ بالتناصح.
بالتعاون على البر والتقوى بالدعوة إلى الله بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذه هي الوقاية، وليس بالمال، بل الكلام بالنصيحة بالتوجيه إلى الخير بالأمر والنهي، والمال من ذلك إذا دفع المال ليعينه على طاعة الله، ويشجعه على طلب العلم وحفظ القرآن، فهذا حسن، فالمقصود التعاون على البر والتقوى، حتى يقي الإنسان نفسه، ويقي أهل بيته من زوجة وأم وأب وإخوان ذكور وإناث وغيرهم، يقيهم عذاب الله، بالتناصح والتواصي بالحق، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويقول سبحانه في سورة التوبة:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[التوبة:٧١] ، أولياء وليسوا أعداءً، أولياء يتناصحون، كل واحد يحب الخير لأخيه لا يؤذيه لا يظلمه في نفسه ولا في ماله ولا في عرضه لا يدعي عليه الدعوى الباطلة، ولا يشهد عليه بالزور، ولا يخونه في المعاملة، ولا يغشه في المعاملة، هذه من الولاية {بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[المائدة:٥١] ، لا غل، ولا حقد، ولا غش، ولا خيانة، أحباب وإخوة يتناصحون ويتواصون بالحق والصبر عليه.
ثم نبّه على أمرٍ عظيم مما تقتضيه الولاية فقال:{يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[التوبة:٧١] ، هذا من واجب المحبة في الله، ومن واجب الولاية في الله على الإخوة، لا تمنعك محبتك أخيك أن تأمره بالمعروف لا تمنعك قرابته لا تمنعك صلته لا يمنعك الإحسان إليه أن تأمره بالمعروف وأن تنهاه عن المنكر، فإن هذا من الإحسان إليه، ومن محبته، ومن وقايته عذاب الله، أن تأمره بالمعروف وأن تنهاه عن المنكر.
ثم قال:{وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[التوبة:٧١] هذا واجب المؤمنين لا يكون إلا بهذا، وإلا يكون إيمانهم معدوم أو ناقص، ثم قال:{وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[التوبة:٧١] مع الولاء فيما بينهم مع النصح مع التواصي بالحق مع الأمر بالمعروف مع النهي عن المنكر مع إقامة الصلاة مع إيتاء الزكاة، يطيعون الله في كل شيء من بقية الأوامر يطيعون الله ورسوله في بقية الأوامر والنواهي.
{أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ}[التوبة:٧١] وعدهم بالرحمة على هذا العمل الطيب، في الدنيا بالتوفيق والهداية والإعانة، وفي الآخرة بدخول الجنة والنجاة من النار.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من هؤلاء المؤمنين، وأن يعيذنا وإياكم من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأن يمنحنا الفقه في الدين والثبات عليه، وأن يعيذنا من مضلات الفتن، وأن يصلح ولاة أمرنا، وأن يهدينا وإياهم صراطه المستقيم، وأن يصلح لهم البطانة، وأن يجعلهم دعاة إلى الحق وهداة للخلق، وأن يعينهم على إصلاح ما فسد، وعلى كل خير، إنه جواد كريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه.