سمعنا في الآونة الأخيرة أن سماحتكم قد أفتيتم بوجوب الجهاد في أفغانستان، وأنه فرض عين، فما صحة ذلك؟
الجواب
كنت أفتي بهذا لمن استطاع، وأنه واجب على الدول الإسلامية، وعلى الأغنياء من المسلمين أن يساعدوا إخوانهم، وأن يدعموهم بالمال والنفوس؛ لأنهم محتاجون إلى ذلك، وقد ذكر العلماء أن الجهاد فرض كفاية؛ لكن إذا نزل بالمسلمين عدو ودهمهم في بلادهم صار فرضاً عينياً على المدهومين وعلى من حولهم حتى يساعدوهم، فإذا لم يكفِ مَن حولَهم ساعدهم مَن حولَهم من بعيد، وهكذا حتى تعم المسألة جميع المسلمين؛ للدفع عن إخوانهم وبلادهم.
وهذا منطبق على إخواننا المجاهدين في الأفغان، ولكني أقيد أنه لا بد من الاستطاعة، ولا بد من إذن الوالدين، إذا كان هناك والدان أو أحدهما، لقوله صلى الله عليه وسلم:(ارجع فاستأذنهما) ، لما استأذن بعض الصحابة للجهاد قال له:(أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد) ، ارجع إلى والديك وبرهما.
وفي الأحاديث الصحيحة يقول صلى الله عليه وسلم لما سئل:(أي العمل أفضل؟ قال: الصلاة على وقتها، قيل: ثُم أي؟ قال: بر الوالدين، قيل: ثُم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله) فقدم البر.
وأنا أفتي بأن الواجب على الولد أن يستأذن والديه، فإن أذنا له جاهد.
وبعض الإخوان من أهل العلم المعاصرين يرى أن الأصل على حاله، وأنه فرض كفاية فقط، وأن من حولهم يكفون من الباكستانيين وغيرهم، وفي هذا بعض النظر والتأمل.
والأقرب فيما يظهر لي أن الواجب على المسلمين جميعاً أن يساعدوهم، وأنه لا يخص من حولهم؛ لأن الحديث لم يخص، فهم الآن مظلومون، وقد قتل منهم جمع غفير، حتى ذكروا أن المقتول ما بين شيخ وطفل وامرأة ومجاهد يزيد على مليون، هذا أمر عظيم، وقد أُخرجوا من ديارهم، ولجئوا إلى باكستان وغيرها، فإذا كان لا يجب على إخوانهم فمتى يجب؟! هذه داهية عظيمة، وشر عظيم، أصيب به المسلمون في الأفغان؛ فوجب على إخوانهم أن يجاهدوا معهم، وأن يدعموهم بالمال والنفس حسب الطاقة والإمكان {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:٢٨٦] .
فالأقرب وجوب الجهاد معهم ومساعدتهم، وهذا هو الأقرب والأظهر، حسب طاقة المسلمين فيما بينهم.