ثم ذكر من صفاتهم المسارعة بالتوبة إذا فعلوا فاحشة، والفاحشة كل ما نهى الله عنه فهو فاحشة، والكبائر أعظم الفواحش، والشرك أعظمها وأكبرها.
قال تعالى:{أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}[آل عمران:١٣٥] أي: بشيء من أنواع الظلم للنفس من سائر المعاصي، فإن الفاحشة تطلق على الصغيرة والكبيرة، أو ظلموا أنفسهم بما يعد ظلماً ويعتبر ظلماًَ من سائر المعاصي {ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ}[آل عمران:١٥٣] ذكروا عظمة الله، وذكروا عظيم حقه، وذكروا شدة غضبه، فبادروا بالتوبة والإصلاح، وبادروا بالندم والإقلاع، فاستغفروا لذنوبهم استغفاراً كاملاً معه التوبة والندم وعدم الإصرار فالاستغفار المفيد النافع هو الذي تصحبه التوبة والندم، والإقلاع وعدم الإصرار، أما الاستغفار بالقول من دون عزم صادق على الترك، ومن دون إقلاع، فهذا مجرد كلام، وقد يرد على صاحبه ولا يقبل عقوبة له، فالمقصود أن الاستغفار المفيد العظيم النفع الحقيقي هو الذي تصحبه التوبة والندم وعدم الإصرار، ولهذا قال بعده:{وَلَمْ يُصِرُّوا}[آل عمران:١٣٥] أي: استغفروا صادقين، وتابوا صادقين، فلم يصروا على الذنوب، بل استغفروا بالألسنة وصدقوا ذلك بالقلوب، بالندم، والإقلاع، والعزم الصادق ألا يعودوا.