ومن ذلك ما سمعتم من العناية بالإيمان بالله وأسمائه وصفاته، وأن أسماءه كلها حسنى، وأن صفاته كلها علا، وأنه موصوف بها على الوجه الذي يليق به جل وعلا، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، ولا زيادة ولا نقصان؛ فالمؤمن يُمِر آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت، ولا يتأول، ولا يحرف، ولا يزيد ولا ينقص، ولا يكيف، ولا يعطل؛ بل يؤمن بأن الله جل وعلا موصوف بأسمائه وصفاته على الوجه اللائق به سبحانه وتعالى.
فكما أن ذاته سبحانه حق لا تشبه الذوات، فهكذا صفاته كلها حق لا تشبه صفات المخلوقين، فهو سبحانه موصوف بصفات الكمال، منزه عن جميع صفات النقص والعيب.
نؤمن أن الله تعالى مستوٍ على العرش استواءً يليق بجلاله وعظمته، لا يشابهه الخلق في استوائهم، استواؤه على العرش ليس مثل استواء المخلوقين على دوابهم، أو على سياراتهم، أو على طائراتهم، أو على سطوحهم، لا! وإنما هو استواء يليق بالله، لا يشابهه الخلق في صفاته جل وعلا، كما قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى:١١] ، وقال سبحانه:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ}[الإخلاص:٤] وقال: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل:٧٤] فيقال: الاستواء معلوم، والارتفاع معلوم، والكيف مجهول، لا نعلم كيفية الاستواء وكنهه هذا! ولكن نعلم أنه سبحانه فوق العرش، وأنه عالٍ فوق جميع خلقه، وأنه العلي الأعلى ليس فوقه شيء سبحانه وتعالى.
وهكذا الموصوف بأنه الرحمن، والرحيم، والسميع، والبصير، وبأنه يغضب ويرضى، ويعز ويذل، ويعطي ويمنع إلى غير ذلك.
وهو موصوف بأن له يدين وقدمين جلا وعلا يسمع ويبصر له أصابع تليق بالله لا يشابه خلقه سبحانه وتعالى.
وقد أخبر عن نفسه بأنه سبحانه وتعالى له يدان، قال جل وعلا:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة:٦٤] ، وقال سبحانه وتعالى:{يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[ص:٧٥] ، وقال:{وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}[الزمر:٦٧] ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(يد الله ملأى لا تغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار) ، وقال:(إن جهنم لا تزال يلقى فيها وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع الجبار فيها رجله، فيلتوي بعضها على بعض فتقول: قَطْ قَطْ) أي: حسبي حسبي نسأل الله العافية! فالمقصود أن صفاته سبحانه تليق به جل وعلا، لا يشابهه خلقه سبحانه وتعالى، فـ أهل السنة والجماعة من الصحابة ومن اتبع سبيلهم يمرونها كما جاءت، ويؤمنون بها ويعلمون أنها حق، وأن الله سبحانه وتعالى لا يشابه الخلق في شيء من صفاته جل وعلا.