الشباب من أسبق الناس إلى الخيرات، ومن أبعدهم عن السيئات، فهو قدوة في القول قدوة في العمل، كما قال جلَّ وعَلا عن الرسل وأتباعهم:{إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}[الأنبياء:٩٠] .
قالت عائشة رضي الله عنها:(يا رسول الله، أرأيت قوله تعالى: ((وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)) [المؤمنون:٦٠] أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر؟ قال: لا؛ ولكنه الرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخاف ألا يُقبل منه) أي: يجتهد في الخيرات، ويعمل، ومع هذا هو خائف، لا يُعجب بعمله، ولا يمن بعمله، بل هو خائف، يعمل ويخاف ألا يُقبل منه، يخاف أن يكون قد قصَّر، يخاف أن يكون ما أدى الواجب على الكمال، هكذا المؤمن يعمل، يصلي ويخاف، يصوم ويخاف، يزكي ويخاف، يجتهد ويقول: أخشى أني قصرتُ، أخشى أني ما فعلتُ، أتى بالواجب وهو على وجل وخوف، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ}[الملك:١٢] .
ويقول جلَّ وعَلا:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر:٢٨] .
فخشيته الكاملة من الرسل وأتباعهم، وهم العلماء، كل مسلم يخشى الله؛ لكن الخشية الكاملة من الرسل وأتباعهم من أهل العلم والإيمان، فالمؤمن يعمل، ويجتهد، ويخشى الله.
قال تعالى:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن:٤٦] .
الخشية لا بد منها، عن صدق وإخلاص، تخشى الله في أعمالك كلها، ترجو ثوابه، وتخشى عقابه، وتخلص له، الطالب والأستاذ والشيخ والعجوز وغير ذلك، كل واحد واجب عليه، الشباب والشيب، الرجال والنساء، الكبار والصغار، من المكلفين، الكل يجب عليه أن يخشى الله، وأن يراقب الله في أعماله، وأن يجتهد في أداء فرائض الله، وترك محارم الله، والوقوف عند حدود الله، مع التعاون الصادق على البر والتقوى، ومع التواصي بالحق والصبر عليه.