الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما -أي: من الأجر- لأتوهما ولو حبواً، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم) وروي عنه عليه الصلاة السلام أنه قال: (لولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقتها عليهم) .
وهذا يفيدنا عظم الخطر في التخلف عن الصلاة في الجماعة، وأن ذلك من صفات المنافقين وأعمالهم، وأنه قد هم عليه الصلاة والسلام أن يحرق عليهم بيوتهم بسبب التخلف، ولهذا روي عنه عليه الصلاة والسلام بيان العلة:(لولا ما في البيوت من النساء والذرية لحرقتها عليهم) فلولا أن التخلف خطير، وأنه منكر يستحق صاحبه العقوبة، لما قال هذا الكلام عليه الصلاة والسلام، ويكفي في الذنب والعيب للمتخلفين عن الصلاة في الجماعة أنهم قد شابهوا بهذا حال المنافقين {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى}[النساء:١٤٢] هذا حالهم نعوذ بالله! وقال عليه الصلاة والسلام: (من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له إلا من عذر) قيل لـ ابن عباس: [ما هو العذر يا ابن العباس؟ قال: خوف أو مرض] .
وجاءه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى يستأذنه، فقال:(يا رسول الله! إنه ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم.
قال: فأجب) وفي رواية أخرى قال: (لا أجد لك رخصة) فإذا كان أعمى شاسع الدار كما في الروايات الأخرى، ليس له قائد يلائمه يقال له: ليس لك رخصة في التخلف عن الجماعة في مساجد الله، فكيف بحال من عافاه الله وأعطاه السمع والبصر والصحة؟! فالأمر خطير جداً.
وقد بلغني أن كثيراً من المساجد في الفجر لا يصلي فيها أحد، والعياذ بالله! يسهرون على التلفاز وعلى غير التلفاز، فإذا جاء الفجر فإذا هم أموات ولا حول ولا قوة إلا بالله! وهذه من المصائب الكبيرة، فيجب التواصي بالحذر من هذا البلاء، والحذر من أسباب العقوبات العامة، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهو من كبار الصحابة ومن علمائهم:[من سره أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم -وفي لفظ: لكفرتم- ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق أو مريض] فهذا يبين لنا أن المحافظة على الصلاة في الجماعة من أسباب الموت على الإسلام، ومن أسباب أنه يلقى الله مسلماً، ومقتضى هذا أن التخلف عن هذه الجماعة والتساهل من أسباب ضد ذلك من أسباب الوفاة على غير الإسلام، نعوذ بالله! فالمصيبة كبيرة، وخطر عظيم، فالمحافظة على صلاة الجماعة من أسباب السعادة وحسن الختام، ومن أسباب التوفيق لكل خير، والتخلف عنها والتشبه بأهل النفاق بأدائها في البيوت فيه خطر عظيم، فيه: أولاً: أنه معصية لله.
ثانياً: أنه مشابهة لأهل النفاق.
ثالثاً: أنه من أسباب سوء الخاتمة، والعياذ بالله! رزق الله الجميع العافية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله.