المقدم: بارك الله فيكم على هذا الإيضاح، الشيخ أحمد وأنت كنت لصيقاً لسماحة الوالد وكنت تعيش معه حتى في أخص خصوصياته، بودنا أن نعرف عن عبادته وزهده وقد اشتهر هذا عنه، فهل لك أن تحدثنا، بل إني قد سمعت من نقل إليَّ أنه في ليلة وفاته كان يصلي صلاة الليل التي كان يداوم عليها، فهل لنا أن نتحدث عن هذا الجانب؛ لأن هذا قد يخفى على كثير من الناس، لنعلم عن حياته الخاصة خاصة في شئون العبادة والزهد؟ الشيخ أحمد: في الحقيقة فإن سماحة الوالد رغم ما كان فيه من أعمال في الدعوة إلى الله وفي نشر العلم والفتيا، وفي مجالات الخير عموماً، لم يمنعه هذا من أن يقوم بما يجب عليه وبما هو مندوب في حقه تجاه الله سبحانه وتعالى من العبادة، وسماحة الوالد قد أدرك في هذا قصب السبق، حتى إننا ونحن أبناؤه نجهد معه في أعماله، هذه رغم ما يقوم به من أعمال تجاه المسلمين عموماً.
سماحة الوالد لا يجد فرصة لا وقتاً ولا مكاناً قد شرعت فيه العبادة إلا وتجده يبادر إلى عمل تلك العبادة، سواء كانت قولية أو فعلية، حتى دخول المسجد وترديد الذكر، والخروج كذلك، فيسابق إلى المسجد قبل الأذان أحياناً بربع ساعة، ويجلس بعد الصلاة أحياناً نصف ساعة، كل هذه قد يقول القائل: إن هذه من الأمور اليسيرة، لكن كون الإنسان يفعلها يوماً أو يومين قد يكون هناك شيء من السهولة، لكن كونه يعمل هذا أبد الدهر ويستمر على العبادات المتواصلة، والأذكار المتنوعة والنوافل والعبادات، ويستمر على قيام الليل ويستمر على الأذكار، ولا يغفل عن العبادات، تجده أحياناً حتى في أيام مرضه الأخير رحمه الله في لبس الجورب ونزعه ينزع الأيسر قبل الأيمن وهذا من دقائق العبادات، وتجده لا يتركها حتى في أيام مرضه، أشياء قد لا يتذكرها الإنسان بسهولة، هذا يدل على أنه كان يعيش روح العبادة أكثر مما كان يعيش في جزئياتها، ويعمل في مظاهرها الخارجية، فالعبادة كان يلتزم بها ويعايشها روحاً، وتجد حياته كلها عبادة، بعيداً عن مظاهر الدنيا بعيداً عما يتمسك به الناس من هذه المظاهر، لا سيما وأنها قد توافرت له أسباب ذلك من المناصب التي وفرت له الأموال كلها فكانت تحت تصرفه، وثقة الناس به موجودة، رغم كل هذا ما كان هذا ليصرفه عن كونه زاهداً ورعاً عابداً لله.
المقدم: هل هناك أمثلة يا شيخ أحمد مباشرة عن زهده رحمه الله مثلاً كما نعلم أنه عندما كان في المدينة المنورة أعطي له منزلاً فجعله لرئيس الجامعة الإسلامية فهذا مثال وغير ذلك ربما كثير أيضاً.
الشيخ أحمد: سماحة الوالد رحمه الله رحمة واسعة في بعض الأحيان كانت بعض الأشياء الخاصة إعانة له أو قد يكون محتاجاً لها، برغم هذا كله تجده يذهب بها إلى الجهات الخيرية مثل الدعاة في الخارج أو الدعاة في الداخل إلى بناء المساجد إلى بناء المدارس في خارج المملكة أو في داخلها ويقول عن نفسه: نحن سوف يعوضنا الله، نحن إن شاء الله مستغنون عن هذه الأشياء، ما كان أبداً يهتم بمسألة الأموال، والإنسان الذي لم يعايش الشيخ ولا جلس معه ولا تعامل معه في الأموال قد لا يجد حقيقة زهد الشيخ في هذه الدنيا وبُعده عنها، أجد الكلمات صعبة التعبير فعلاً عن حقيقة الزهد الذي وصل إليه زهد إنه حقيقي زهد القلب زهد النفس عن هذه المظاهر.