هذه العبادات منها المستحب ومنها الواجب، فعبادة الله بالإخلاص له، وصرف العبادة لوجهه الكريم، وأداء ما فرض، وترك ما حرم، هذا كله فرض لازم لا بد منه، والاستكثار من النوافل، والتسبيح والتهليل والتكبير والاستغفار، كل ذلك من نوافل العبادات، وهكذا الصدقات غير الواجبة كلها من التطوعات، وهكذا الصوم غير الواجب، والحج غير الواجب، كله من التطوعات ومن النوافل التي يحبها الله، وهي جبر للفرائض وتكميل لها.
فجدير بالمؤمن وجدير بالمؤمنة العناية بالعبادة والتفقه فيها، وذلك بالتفقه في الدين عن طريق كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وعن طريق أهل العلم، بسؤالهم واستفسارهم، والتفقه عليهم؛ حتى يرشدوك إلى ما قاله الله ورسوله، وحتى يعلموك ما جهلت مما أوجب الله ومما حرم الله، وحتى يوضحوا لك أنواع العبادة، لتكون على بينة وبصيرة، وحتى تعبد الله كما أمر سبحانه وتعالى.
وعلى حسب استمساك العبد بعبادة ربه، وأدائه حقه، والمسابقة إلى مراضيه، تكون منزلته عند الله، فمن استكمل الفرائض، واجتنب المحارم؛ فهو من عباد الله الأبرار، ومن عباد الله المتقين، ومن خيرة عباد الله، وممن وعدهم الله بالجنة، والنجاة من النار، وإذا أضاف إلى ذلك المسابقة إلى الطاعات، والاستكثار من الحسنات، والحذر من المكروهات، وما قد يعوقه عما شرع الله له؛ كان بذلك من السابقين ومن المقربين، من الطبقة العليا من عباد الله، فإن الطبقات ثلاث: الطبقة الأولى: الظالم لنفسه، وهو المؤمن العاصي.
الطبقة الثانية: المقتصد الذي استقام على أداء الفرائض وترك المحارم، وهو من المقتصدين ومن الأبرار، ولكنه لم يتوسع في الطاعات المستحبة، ولم يستكثر منها، بل اقتصر على الواجبات وترك المحارم، ولم يكن له نشاط في المسابقة إلى أنواع الفضائل، فهذا من الطبقات الوسطى ومن الأبرار، وله الجنة والنجاة من النار.
الطبقة الثالثة: طبقة السابقين المقربين، المسابقين في الخيرات، والمنافسين في الطاعات، بكل ما يستطيعون من الطاعات القولية والعملية، من طاعات القلوب وطاعات الجوارح، ومن الطاعات البدنية والقولية والمالية، فهم مسابقون إلى كل خير، ومنافسون في كل طاعة، فهؤلاء هم السابقون المقربون، جعلنا الله وإياكم منهم.