للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[صفات المؤمنين والمؤمنات]

لقد ذكر الله في سورة التوبة صفات المؤمنين والمؤمنات على أكمل وجه، فقال سبحانه: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:٧١] هذه صفة المؤمنين والمؤمنات، وهذه أخلاقهم، أكمل أخلاق.

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ} [التوبة:٧١] : الرجال والنساء.

{بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة:٧١] أي: بعضهم ولي أخيه وأخته في الله، والولي ضد العدو، الولي هو: الحبيب، وهو الصاحب، والناصح، يحب له الخير، ويكره له الشر، لا يغشه، ولا يخونه، ولا يكذب عليه، ولا يظلمه، هكذا المؤمن والمؤمنة أولياء، لا غش ولا خداع، ولا كذب ولا ظلم، ولا غير هذا من آثار السوء، بل هم أولياء متحابون في الله، متواصون بالحق، متعاونون على البر والتقوى.

{يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة:٧١] : مع كونهم أولياء وأحبة لا يسكتون، إذا رأى من أخيه نقصاً أو منكراً أنكر عليه، أو تقصيراً في واجب أنكر عليه، هذا من مُوْجَب الولاية، ومن مقتضى الإيمان أن تنصح لأخيك، تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر.

ثم الصلاة يقيمونها كما أمر الله، يحافظون عليها في أوقاتها في جماعة، ويؤدونها كاملة تامة بما فرض الله فيها، هكذا المؤمنون، شباباً وشيباً، يقيمون الصلاة كما أمر الله في أوقاتها في جماعة، ويؤدون الزكاة كما أمر الله.

{وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة:٧١] نص على الصلاة والزكاة؛ لأنهما أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، والبقية تابعة؛ رمضان، والحج، والجهاد، وغيرها، كله تابع متى وحَّد الله وصدَّق رسوله صلى الله عليه وسلم، واستقام على الصلاة والزكاة أدَّى البقية، أي: إيمانه يدعوه إلى ذلك، ويمنعه مما حرم الله جلَّ وعَلا، قال تعالى: {وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة:٧١] أي: في جميع ما أمر الله ورسوله.

ذكر الصلاة والزكاة، ثم نص على الطاعة بعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بعد إخباره عنهم بأنهم أولياء، هم أولياء متحابون في الله، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ثم هم مع هذا يطيعون الله ورسوله في كل شيء في الجهاد، وفي بر الوالدين، وفي صلة الرحم، وفي ترك المعاصي، في غير هذا من وجوه الخير، قال تعالى: {وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [التوبة:٧١] .

ثم قال سبحانه: {أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} [التوبة:٧١] وعدهم الرحمة على أعمالهم الطيبة وترك المعاصي، المؤمن يترك المعصية ويؤدي الواجب، فوعدهم الله الرحمة التي منها توفيقهم في الدنيا، وإعانتهم في الدنيا على الخير، ومنها: إدخالهم الجنة، ونجاتهم من النار في الآخرة.

فالمؤمنون مرحومون من ربهم بسبب إيمانهم بالتوفيق في الدنيا، وبالنجاة والسعادة في الآخرة.

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.

نسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يعيذنا وإياكم من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، وأن يمنحنا الفقه في دينه، والثبات عليه، وأن ينصر دينه، ويعلي كلمته، وأن يصلح جميع المسلمين، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يولي عليهم خيارهم، ويصلح قادتهم، وأن يوفق ولاة أمرنا لكل خير، وأن ينصر بهم الحق، وأن يجعلنا وإياكم وإياهم من الهداة المهتدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلَّى الله وسلَّم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>