رابعاً: الصبر في طريق الدعوة طريق العمل الصالح، أن يتحمل الإنسان الصبر، وأن يوطن نفسه على الصبر، ويعتبر ذلك رفعة لدرجاته بتوفيق الله، وتكفيراً لسيئاته، ويحتسب ذلك في سبيل الله، ولا يكون صبره تجلداً، فإن التجلد لا يفيده شيئاً؛ بل يكون الصبر بالاحتساب حتى يثيبه الله، ولنا القدوة الحسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي أوذي ورجم بالحجارة، وأدميت عراقيبه، وقال:(اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، إلى من تكلني! إلى ضعيف يتجهمني، أم إلى قوي ملكته أمري، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي) إلى آخر الدعاء المشهور.
فيصبر الإنسان على الأذى وما يناله من جرح ونيل وعراقيل، وبغض وعداوة، وسب وشتم، يتحمل ذلك في ذات الله، والله يقول لنبيه الكريم:{وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}[النحل:١٢٧]{وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}[الطور:٤٨]{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}[الأحقاف:٣٥] ، فعلينا جميعاً -أيها الإخوة- أن نوطن أنفسنا على الصبر، وتحمل المشقة، ولا يحصل الأجر -يا إخوان- إلا بالصبر، ولهذا يقول ربنا جل وعلا في كتابه الكريم:{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}[آل عمران:١٤٢] .