للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الكراهة (١).

نُوقش من وجهين:

الأول: أن الحديث ضعيف؛ لأن فيه راوياً مجهول الحال، والضعيف لا تقوم به حجة (٢). وعلى فرض الصحة، فإنه نُهي عن استقبال بيت المقدس حين كان قبلة ثم نهي عن استقبال الكعبة حين صارت قبلة فجمعهما الراوي (٣).

الثاني: على فرض الصحة، فإنه يحتمل أن المراد بالنهي أهل المدينة ومَن على سمتها فقط؛ لأن استقبالهم بيت المقدس يستلزم استدبار الكعبة، فالعلة استدبار الكعبة لا استقبال بيت المقدس (٤).

وأجاب عنهما النووي -رحمه الله- بقوله: «هذان تأويلان مشهوران للأصحاب، ولكن في كل واحد منهما ضعف.

والظاهر المختار: أن النهي وقع في وقت واحد وأنه عام لكلتيهما في كل مكان ولكنه في الكعبة نهي تحريم في بعض الأحوال على ما سبق وفي بيت المقدس نهي تنزيه ولا يمتنع جمعهما في النهي وإن اختلف معناه، وسبب النهي عن بيت المقدس كونه كان قبلة فبقيت له حرمة الكعبة» (٥).

الدليل الثاني: الإجماع على عدم التحريم (٦).

اُعترض عليه: بأن دعوى الإجماع فيها نظر؛ لوقوع المخالفة من بعض الفقهاء بالقول بالتحريم (٧).

الدليل الثالث: أن حرمة تعظيمه باقية؛ لكونه كان قِبلةً لنا (٨).


(١) يُنظر: المجموع (٢/ ٨٠).
(٢) يُنظر: تخريج الحديث، ويُنظر: المفهم (١/ ٥٢٢).
(٣) يُنظر: المجموع (٢/ ٨٠)، فيض القدير (٦/ ٣٤٣).
(٤) يُنظر: معالم السنن (١/ ١٧)، فتح الباري، لابن حجر (١/ ٢٤٦).
(٥) المجموع (٢/ ٨١).
(٦) نقل الإجماع النووي في (المجموع) (٢/ ٨١)، ولم أجده عند غيره.
(٧) نُسب القول بالتحريم إلى ابن سيرين والحسن وإبراهيم النخعي. يُنظر: الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (١/ ٤٥٢). وردّ ابنُ حجر والعينيُّ دعوى الإجماع بمخالفة من ذُكر، ونسبا نقل الإجماع إلى الخطابي. يُراجع: فتح الباري (١/ ٢٤٦)، عمدة القاري (٢/ ٢٧٩)، ولم أجد عبارة الإجماع عند الخطابي عند ذِكره المسألة في (معالم السنن) (١/ ١٧).
(٨) يُنظر: معالم السنن (١/ ١٧)، المجموع (٢/ ٨٠)، المبدع (١/ ٦٥).

<<  <   >  >>