للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول: النهي عن البول في الماء الراكد]

المطلب الأول: حكم البول في الماء الراكد (١):

دليل النهي:

عن جابر -رضي الله عنه-: عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه ((نهى أن يُبالَ في الماءِ الرَّاكِدِ)) (٢).

صورة المسألة:

إذا أراد إنسان أن يبول في الماء الواقف الذي لا يجري، فهل يجوز له ذلك أو لا؟

تحرير محل النزاع:

أولاً: محل الإجماع:

أجمع العلماء على أن الماء المستبحر (٣) الكثير جداً لا يدخل في النهي؛ فهو مُخصَّص من النهي بالإجماع (٤).

قال ابن تيمية -رحمه الله-: «لا تنازع بين المسلمين أن النهي عن البول في الماء الدائم لا يعم جميع المياه، بل ماء البحر مستثنى بالنص والإجماع» (٥).

وقال ابن دقيق العيد -رحمه الله- (٦): «اعلم أن هذا الحديث لا بد من إخراجه عن ظاهره


(١) الماء الراكد: رَكَدَ الماء رُكوداً: سَكَنَ، فالماء الراكد هو الدائم الساكن الذي لا يجري، وقد فُسِّر بذلك في الحديث الآخر، فالماء الدائم: الواقف؛ لأنه قد دام في مكانه واستقر وسكن: كالخزانات، والغدران في البرية، والبرك في البساتين. يُنظر: الصحاح (٢/ ٤٧٧)، النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/ ٢٥٨)، لسان العرب (٣/ ١٨٤)، شرح أبي داود، للعيني (١/ ٢٠٥).
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الماء الراكد (١/ ١٦٢) برقم: (٢٨١).
(٣) التبحر والاستبحار: الانبساط والسعة. يُنظر: مقاييس اللغة (١/ ٢٠١)، تاج العروس (١٠/ ١٢٥)، والماء المستبحر: هو الماء الكثير جداً الذي لا تضره النجاسة التي لم تُغيِّر أحد أوصافه كماء البحر. يُنظر: بداية المجتهد (١/ ٣٠)، إحكام الأحكام (١/ ٧١).
(٤) نقل الإجماع: ابن المنذر في (الإجماع) (ص: ٣٥)، وابن رشد في (بداية المجتهد) (١/ ٣٠)، وابن تيمية في (مجموع الفتاوى) (٢٠/ ٣٣٨).
(٥) مجموع الفتاوى (٢٠/ ٣٣٨).
(٦) هو: محمد بن علي بن وهب بن مطيع، أبو الفتح، تقي الدين الْقُشَيْرِيُّ، المعروف كأبيه وجده بابن دقيق العيد، وُلد سنة ٦٢٥ هـ، من فقهاء الشافعية وأكابر العلماء بالأصول، ولي قضاء الديار المصرية سنة ٦٩٥ هـ، من مصنفاته: «إحكام الأحكام»، «الإلمام بأحاديث الأحكام»، «تحفة اللبيب في شرح التقريب» وغيرها، استمر في القضاء إلى أن تُوفي بالقاهرة سنة ٧٠٢ هـ. يُنظر: طبقات الشافعيين (ص: ٩٥٢)، شذرات الذهب (٨/ ١١).

<<  <   >  >>