للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الحادي عشر:

النهي عن بروك المصلي كما يبرك البعير

المطلب الأول: حكم بروك المصلي كما يبرك البعير (١):

دليل النهي:

عن أبى هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ، وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ)) (٢).

صورة المسألة:

المراد بالمسألة إذا أراد المصلي أن يهوي للسجود، أيهما يقدم أولاً: يديه أم ركبتيه؟

الأقوال في المسألة:

في حديث أبي هريرة نهي عن مشابهة بروك البعير عند الهُوِيِّ للسجود، فاختلف الفقهاء فيما يقدمه المصلي عند إرادة السجود: ركبتيه أم يديه، على قولين:

القول الأول: يُستحب تقديم الركبتين على اليدين، ويُكره تقديم اليدين.

وهو مذهب الجمهور: الحنفية (٣)، والشافعية (٤)، والحنابلة (٥).

القول الثاني: يُستحب تقديم اليدين على الركبتين.


(١) بُرُوك البعير: وهو أن يبدأ بأعاليه إذا انحط إلى الأرض، والجمل يفعل كذلك، وأصله: وضع البرك على الأرض، أي: الصدر -بفتح الباء وتسكين الراء- يُقال: بَرَكَ البعيرُ يَبْرُكُ بُروكاً، أي اسْتَناخَ. وهو من باب: قعد وقع على بركه، وهو صدره. يُنظر: الصحاح (٤/ ١٥٧٤)، طلبة الطلبة (ص: ١١)، المصباح المنير (١/ ٤٥).
(٢) أخرجه أبو داود، كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه؟ (١/ ٣١١) برقم: (٨٤٠)، والترمذي، أبواب الصلاة، باب آخر منه (٢/ ٥٧) برقم: (٢٦٩) وقال: «حديث أبي هريرة حديث غريب، لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه»، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب السهو، أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده (١/ ٣٤٥) برقم: (٦٨٢)، وأحمد (٢/ ١٨٨٠) برقم: (٩٠٧٧)، قال ابن رجب في (فتح الباري) (٧/ ٢١٨): «قال حمزة الكناني: هو منكر، ومحمد راويه، ذكره البخاري في الضعفاء» وعلى خلافه قال النووي في (المجموع) (٣/ ٤٢١): «رواه أبو داود والنسائي بإسناد جيد، ولم يضعفه أبو داود»، وقال ابن حجر في (بلوغ المرام من أدلة الأحكام) (ص: ٩١): «وهو أقوى من حديث وائل»، والله أعلم، وقد وردت رواية أخرى عن أبي هريرة مخالفة لهذه الرواية، وستأتي في الأدلة.
(٣) يُنظر: المبسوط، للسرخسي (١/ ٣٢)، تبيين الحقائق (١/ ١١٦)، المحيط البرهاني (١/ ٣٧٦).
(٤) يُنظر: الحاوي الكبير (٢/ ١٢٥)، المجموع (٣/ ٤٢١).
(٥) يُنظر: المغني (١/ ٣٧٠)، كشاف القناع (١/ ٣٥٠).

<<  <   >  >>