نُوقش بما نُوقش به استدلال القول الثاني.
سبب الخلاف:
اختلف الفقهاء في المسألة؛ لاختلافهم: هل النهي عام أُريد به العام؟ أو عام أُريد به الخاص؟ (١)
فمَن قال بأن النهي عام أُريد به العام قالوا: النهي للتحريم مطلقاً، ومَن قال: عام أُريد به خاص قالوا: النهي خاص بحال السرية الصغيرة التي ليست مأمونة دون الجيش العظيم.
الترجيح:
بعد عرض الأقوال وأدلتها يتبين أن الراجح -والله أعلم- القول بتحريم السفر بالقرآن إلى أرض العدو مطلقاً.
أسباب الترجيح:
١ - صراحة حديث النهي وعمومه.
٢ - أن فيه سداً لذريعة وقوعه في أيدي العدو، فيهينوه، ويستخفوا به.
[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]
ذهب أصحاب القول الثالث إلى أن النهي محمول على الكراهة، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف له القرائن التالية:
القرينة الأولى: ورود النص بالتعليل بما يفيد الكراهة.
وذلك في قوله: (فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُو)، وهذه علة تفيد كراهة حمل المصحف لأرض العدو في العسكر الصغير.
القرينة الثانية: المقصد من النهي.
فالنهي مقصوده: إكرام القرآن الكريم، ومخافة عليه من العدو.
قال ابن بطال -رحمه الله-: «أن نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن السفر به إلى أرض العدو ليس على وجه التحريم والفرض، وإنما هو على معنى الندب؛ للإكرام للقرآن؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد كتب إلى قَيْصر بآية إلى آخرها وهو يعلم أنهم نجس، وعلم أنهم يقرؤونها، فصح أن نهيه عن ذلك
(١) بداية المجتهد (٢/ ١٥٢).