للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - قوة أدلة هذا القول، وسلامتها من المعارض الراجح.

٢ - أن الإسلام جاء بالحث والترغيب في إماطة الأذى عن طريق المسلمين، وعليه يكون تعمد وَضْع الأذى في طريقهم ومواطن انتفاعهم من أعظم المناهي الشرعية؛ لما فيه من الضرر، وقد عُدت من الكبائر (١).

قال القرطبي -رحمه الله- في (المفهم): «يُفهم من هذا: تحريم التخلِّي في كل موضع كان للمسلمين إليه حاجة: كمجتمعاتهم، وشجرهم المثمر، وإن لم يكن له ظلال وغير ذلك» (٢).

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

تبين فيما سبق أن بعض الفقهاء حمل النهي على الكراهة، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن القرينة الصارفة له عن التحريم: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.

ذلك أن النهي فيه إرشاد إلى آداب قضاء الحاجة، والمحافظة على نظافة الأماكن التي يحتاج إليها الناس.

قال المَنَاوِيُّ -رحمه الله- (٣) في (فيض القدير): «الأصح عند الشافعي الكراهة التنزيهية» (٤)، وقال أيضاً: «اقتصر جمهورهم على عدِّه من الآداب، وحملوا الأحاديث على الكراهة» (٥).

قال النووي -رحمه الله- في (المجموع): «هذا الأدب -وهو اتقاء الملاعن الثلاث- متفق عليه، وظاهر كلام المصنف والأصحاب أن فِعل هذه الملاعن أو بعضها مكروه كراهة تنزيه» (٦).

والعلة: أن خوف إيذاء المسلمين به، محتمل غير متحقق، فلذلك يُكره.


(١) يُنظر: فيض القدير (١/ ١٣٦).
(٢) (١/ ٥٢٤).
(٣) هو: محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المُنَاوِي القاهري، الشافعي، زين الدين، وُلد سنة ٩٥٢ هـ، كان من كبار العلماء بالدين والفنون، له نحو ثمانين مصنفاً، منها: «كنوز الحقائق»، «التيسير في شرح الجامع الصغير» اختصره من شرحه الكبير «فيض القدير»، «شرح الشمائل للترمذي» وغيرها، تُوفي بمصر سنة ١٠٣١ هـ. يُنظر: فهرس الفهارس (٢/ ٥٦٠)، الأعلام، للزركلي (٦/ ٢٠٤).
(٤) (١/ ١٣٥).
(٥) (١/ ١٣٦).
(٦) (٢/ ٨٧).

<<  <   >  >>