للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

النهي عن رفع الصوت بالقراءة في صلاة التطوع إن كان مؤذياً لمَن حوله

المطلب الأول: حكم رفع الصوت بالقراءة في صلاة التطوع (١) إن كان مؤذياً لمَن حوله:

دليل النهي:

عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: ((اعْتَكَفَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْمَسْجِدِ، فَسَمِعَهُمْ يَجْهَرُون بِالْقِرَاءَةِ، فَكَشَفَ السترَ، وَقَالَ: ألا إِنَّ كُلَّكُمْ مُنَاجٍ رَبَّهُ، فَلَا يُؤْذِيَنَّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَلَا يَرْفَعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِالْقِرَاءَةِ -أَوْ قَالَ: فِي الصَّلَاةِ-)) (٢).

الأقوال في المسألة:

اختلف الفقهاء في النهي عن رفع الصوت بالقراءة إن كان مؤذياً لمن حوله، على قولين:

القول الأول: التحريم.

وهو مذهب الحنفية (٣)، والمالكية (٤)، وقول عند الشافعية (٥)، ووجه عند


(١) الذي يظهر أن قيد كون القراءة في صلاة التطوع ليس مقصودا للمنع؛ إذ يتوجه المنع على رفع الصوت بالقراءة إن كان مؤذياً لمَن حوله، سواء كان من مصلٍ أو غيره، ويدل لعدم اعتبار هذا القيد ما جاء في دليل النهي: (ولا يرفع بعضكم على بعض بالقراءة، أو قال: في الصلاة)؛ يُفهم منه أن كلا الحالين سواء ومقصود بالنهي، ولا يختص بأحدهما دون الآخر إن حصل التأذي به، ويظهر ذلك في صنيع بعض الفقهاء باطلاق منع الجهر بالقراءة دون تقييد كونه في صلاة كقولهم: في (تحفة المحتاج) (٢/ ٥٧): «ولا يجهر مُصلٍ وغيره إن شوش على نحو نائم أو مُصلٍ»، وفي (حاشية الدسوقي) (١/ ٣٠٨): «كره (جهر) أي رفع صوت (بها) أي بالقراءة بمسجد»، وفي (مطالب أولي النهى) (١/ ٥٩٧): «وكره رفع صوت بقراءة تغلط المصلين»، والله أعلم.
(٢) أخرجه أبو داود، باب تفريع أبواب التطوع وركعات السنة، باب رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل (٢/ ٤٩٣) برقم: (١٣٣٢)، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب فضائل القرآن، ذكر قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يجهر بعضكم على بعض في القرآن) (٧/ ٢٨٩) برقم: (٨٠٣٨)، وأحمد (١٨/ ٣٩٢) برقم: (١١٨٩٦)، صححه ابن خزيمة (١/ ٥٧٥) برقم: (١١٦٢)، وقال ابن عبد البر في (التمهيد) (٢٣/ ٣١٩): «حديث البياضي وحديث أبي سعيد ثابتان صحيحان، والله أعلم».
(٣) يُنظر: حاشية ابن عابدين (٦/ ٣٩٨).
(٤) يُنظر: البيان والتحصيل (١/ ٤٦٧)، مواهب الجليل (١/ ٥٢٥)
(٥) يُنظر: حاشية الجمل (١/ ٣٦٠).

<<  <   >  >>