للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأول: حديث عائشة -رضي الله عنها- المتقدم وفيه: (وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ).

الدليل الثاني: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((اعْتَدِلُوا (١) فِي السُّجُودِ، وَلَا يَبْسُطْ أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الكَلْبِ)) (٢).

الدليل الثالث: عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إِذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَعْتَدِلْ، وَلَا يَفْتَرِشْ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ الْكَلْبِ)) (٣).

وجه الاستدلال: أن في هذه الأحاديث نهَى النبي -صلى الله عليه وسلم- المصلي عن وضع ذراعيه حال السجود على الأرض كما تفعل السباع والكلاب، وحمل أهل العلم النهي على الكراهة؛ للتنزيه (٤).

الدليل الرابع: أن الافتراش من صفات الكاسل والمتراخي المتهاون بحاله، مع ما فيها من التشبه بالسباع والكلاب (٥).

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

الذي يظهر من كلام أهل العلم أن الصارف للنهي عن التحريم إلى الكراهة:


(١) قال ابن دقيق العيد -رحمه الله- في (إحكام الأحكام) (١/ ٢٥٦): «لعل الاعتدال ههنا محمول على أمر معنوي، وهو وضع هيئة السجود موضع الشرع، وعلى وفق الأمر؛ فإن الاعتدال الخلقي الذي طلبناه في الركوع لا يتأدى في السجود؛ فإنه ثَمَّ استواء الظهر والعنق، والمطلوب هنا: ارتفاع الأسافل على الأعالي، حتى لو تساويا ففي بطلان الصلاة وجهان لأصحاب الشافعي، ومما يقوي هذا الاحتمال: أنه قد يُفهم من قوله عقيب ذلك (ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب) أنه كالتتمة للأول، وأن الأول كالعلة له، فيكون الاعتدال الذي هو فِعل الشيء على وفق الشرع علة لترك الانبساط انبساط الكلب؛ فإنه منافٍ لوضع الشرع».
(٢) أخرجه البخاري، كتاب الأذان، باب لا يفترش ذراعيه في السجود (١/ ١٦٤) برقم: (٨٢٢)، ومسلم، كتاب الصلاة، باب الاعتدال في السجود، ووضع الكفين على الأرض ورفع المرفقين … (١/ ٣٥٥) برقم: (٤٩٣).
(٣) أخرجه الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في الاعتدال في السجود (٢/ ٦٦) برقم: (٢٧٥) وقال: «وفي الباب عن عبد الرحمن بن شبل، وأنس، والبراء، وأبي حميد، وعائشة، حديث جابر حديث حسن صحيح، والعمل عليه عند أهل العلم: يختارون الاعتدال في السجود، ويكرهون الافتراش كافتراش السبع»، وابن ماجه، أبواب إقامة الصلوات والسنة فيها، باب الاعتدال في السجود (٢/ ٦١) برقم: (٨٩١)، وأحمد (٢٢/ ٢٨٠) برقم: (١٤٣٨٤)، صححه ابن خزيمة (١/ ٣٤٨) برقم: (٦٤٤)، وصححه الألباني في (صحيح الجامع الصغير وزيادته) (١/ ١٦٤).
(٤) يُنظر: المغني (١/ ٣٧٣)، المنهاج شرح صحيح مسلم (٤/ ٢٠٩)، حاشية العدوي (١/ ٢٧٠).
(٥) يُنظر: إكمال المعلم (٢/ ٤٠٧)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (٣/ ٥٠).

<<  <   >  >>