للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: القرينة الصارفة عن التحريم]

حمل أصحاب القول الثاني النهي على الكراهة، والذي يظهر من كلام أهل العلم أن القرينة الصارفة: ورود النهي في باب الأدب والإرشاد.

فالنهي عن البول في الماء الراكد فيه تنزيه عن النجاسة، وحث على مكارم الأخلاق.

جاء في (إكمال المعلم): «نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن بول الرجل فى الماء الراكد أو الدائم الذى لا يجرى … على طريق التنزيه والإرشاد إلى مكارم الأخلاق والاحتياط على دين الأمة» (١).

وجاء في (الكواكب الدراري): «فيه التأديب بالتنزه عن البول» (٢).

وجاء في (فيض القدير): «والنهي للتنزيه» (٣).

والعلة: هي استقذار الناس من الماء الذي بِيل فيه، فيمنعهم ذلك عن استعماله في حاجاتهم.

قال ابن دقيق العيد -رحمه الله-: «النهي معلل بالاستقذار الحاصل في الماء بسبب البول» (٤).

وقال ابن الملقن -رحمه الله- (٥): «فيه التأدب بالتنزه عن البول في الماء الراكد؛ لعموم الحاجة إليه» (٦).

الحكم على القرينة:

قرينة ورود النهي في باب الأدب والإرشاد هنا ضعيفة لا تقوى على صرف النهي من التحريم إلى الكراهة؛ لأن دلالة النهي الصريح على التحريم أقوى؛ لوجود ما يؤكد حمله على التحريم؛ فإن الشرع جاء بتحريم أذية المسلم، ولكونها تجلب اللعن على مَنْ يؤذي الناس في


(١) (٢/ ١٠٥).
(٢) (٣/ ٩٣).
(٣) (٦/ ٣٤).
(٤) شرح الإلمام (١/ ٢٥١).
(٥) هو: عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي، سراج الدين، أبو حفص ابن النحوي، المعروف بابن الملَقِّن، وُلد في القاهرة سنة ٧٢٣ هـ، وهو أكابر العلماء بالحديث والفقه وتاريخ الرجال، له مصنفات كثيرة منها: «إكمال تهذيب الكمال في أسماء الرجال»، «الإعلام بفوائد عمدة الأحكام»، «التوضيح لشرح الجامع الصحيح»، «طبقات الأولياء» وغيرها، تُوفي سنة ٨٠٤ هـ. يُنظر: طبقات الشافعية، لابن قاضي شهبة (٤/ ٤٣)، شذرات الذهب (٩/ ٧١).
(٦) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (٤/ ٤٨٩).

<<  <   >  >>